كتاب الأخوة أيها الإخوة

(أ) الحقوق العامة - الحق الثامن: التنفيس عن الحروب والتيسير على العسر. - ص: 264

قال - صلى الله عليه وسلم -: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما". قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: "تأخذ فوق يديه" (١).

وقد رغبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا، وبين لنا عظم أجر من ينصر المظلومين من المؤمنين، ورهبنا من الوعيد الشديد الذي ينتظر من يخذلهم.

عن جابر بن عبد الله وأبي طلحة بن سهل الأنصاري قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته. وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته" (٢).

وإذا كان هذا هو عصر الظلم والقهر، والمسلمون يذبحون في كل مكان، فلا أقل من أن تنصرهم ولو بالدعاء، فإذا استطعت غير ذلك لزمك المبادرة إلى أداء هذا الواجب الحتمي، وإلا ستدور الدائرة عليك كما دارت عليهم فاحذر. والله جل وعلا على نصر المؤمنين لقدير، لكنها سنن الله الربانية التي قل من يعيها، ولكنها الرسائل الإلهية كي نعيد النظر في حقيقة إيماننا، ونمحص نياتنا حتى يتحقق وعد الله باستخلاف المؤمنين الأرض والتمكين لهم فيها.

[الحق الثامن: التنفيس عن الحروب والتيسير على العسر.]

الأصل أن تتعرف على الله في الرخاء ليعرفك في الشدة، فالقانون الإلهي الذي لا يتبدل ينص على أن الجزاء من جنس العمل، والشرع الشريف يرشدنا دائمًا للنظر إلى

---

(١) أخرجه البخاري (٢٤٤٤) ك المظالم والغصب، باب أعن أخاك ظالمًا ومظلومًا.
(٢) أخرجه أبو داود (٤٨٨٤) ك الأدب، باب من رد عن مسلم غيبة، والإمام أحمد (٤/ ٣٠)، والطبراني في الكبير (٥/ ١٠٥)، والبيهقى في الكبرى (٨/ ١٦٧)، وحسنه الشيخ الألبانى -رحمه الله- في صحيح الجامع (٥٦٩٠).