للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعا: ترك الجدال أكثر إقناعاً من الجدال.

تجنب الجدال في معالجة الأخطاء، فهذه الطريقة أكثر وأعمق أثراً من استخدامك الجدال نفسه، وتذكر أنَّك عندما تنتصر في الجدال على خصمك المخطئ فإنَّك تجبره للإذعان لك، وفي غالب الأمر يحز ذلك في نفسه، ويحقد عليك ويحسدك، فحاول أن تتجنب ذلك من البداية، والنصوص الشرعية لم تذكر الجدال إلا في موضع الذم غالباً، والمحمود منه ما كان عن محاورة هادئة مع طالبٍ للحق بصورة حسنة جميلة، قال تعالى: " وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " [النحل/ ١٢٥].

ذُكر عن الإمام مالك - رضي الله عنه -أنَّه قيل له: يا أبا عبد الله الرجل يكون عالما بالسنة أيجادل عنها؟ قال: لا، ولكنَّه يخبر بالسنة، فإن قبلت وإلا سكت.

وهذه حقيقة واقعية أنَّ طالب الحق إذ سمع السنة قبلها، وأمَّا المعاند والمكابر فلا يقنعه أقدر الناس على الجدال.

إخوتاه ..

بالجدال تخسر المجال، والداعية ليس في حاجة إلى أن يخسر الناس، قال عبد الله بن الحسن ـ رحمه الله ـ: " المراء يفسد الصداقة القديمة، ويحل العقدة الوثيقة، وأقل ما فيه أن تكون المغالبة، والمغالبة أمتن أسباب القطيعة " حتى لو كان المجادل محقا، ينبغي ترك الجدال.

قال - صلى الله عليه وسلم - " بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر إلا أن تروا شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذى رأى برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع العوام " (١)


(١) أخرجه الترمذي (٣٠٥٨) ك تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة وقال: حسن غريب، وأبو داود (٤٣٤١) ك الملاحم، باب الأمر والنهي. وابن ماجة (٤٠١٤) ك الفتن، باب قول الله " يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم " لكن ضعفه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في ضعيف ابن ماجة (٨٦٩) وضعيف الترمذي (٥٨٥).

<<  <   >  >>