للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" غمط الناس " أي احتقارهم فتقول: من فلان حتى يعترض علىَّ، فهنا تحدث الفرقة وينتج الخلاف.

مثال ذلك: أن أخاً حَدّث فقال: كنت جالساً في المسجد وأقرأ القرآن، وقد أمسكته بيدي اليسرى واتكأت على اليمنى، فجاء أخٌ صغير لا يتجاوز عمره الخامسة عشر، فقال لي: لو سمحت امسك المصحف بيدك اليمنى. يقول: فنظرت له فإذا هو غلام صغير، فدار في نفسي أنَّ اليد اليسرى تستخدم لقضاء الحاجة ونحو ذلك، فالأولى فعلاً أن أمسكه باليمنى، لكن هذا غلام صغير، وموقفي صار حرجاً. يقول: جلست أحدث نفسي، والمصحف بيدي اليُسرى، وعندما أحاول نقله ليدي اليمنى أتراجع، ثم في النهاية قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ونقلت المصحف وقلت للأخ: جزاك الله خيراً.

فهو كان معتقداً أن الحق على خلاف صنيعه، وإن كان فعله ليس بحرام، وإنما غاية الأمر أنه خلاف الأولى، وكاد يصده الكبر عن قبول هذه النصيحة.

ومن الطريف أن الأخ قال: فما لبثت خمس دقائق حتى نقلت المصحف مرة ثانية إلى يدي اليسرى. فنصحني الأخ الصغير مرة أخرى، فقلت له: عندما تراني أصنع ذلك انقله بيدك في يدي اليمنى.

وهكذا انصرف الشيطان، فانصاع الإنسان وقبل النصح.

إخوتاه ..

إن رد الحق وعدم قبوله، وغمط الناس واحتقارهم يؤدى لعدم القبول، وكلاهما كبر، نعوذ بالله من المتكبرين، فعليك أن تتواضع، قال - صلى الله عليه وسلم -: " وإن الله أوحى إلى أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحدٌ على أحد، ولا يبع أحدٌ على أحد ". (١)


(١) أخرجه مسلم (٢٨٦٥) ك الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة.

<<  <   >  >>