للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتأليفها، فإنه بذلك يستطيع - بحول الله وقوته ـ أن يقلب طبيعتها الوحشية إلى طبيعة أليفة فتقبل عليه وتلتصق به كما تلتصق الهرة إذا مسحت على ظهرها مداعبا، فالقلوب كذلك تحتاج إلى شيء من الرفق، وفي سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - أمثلة حية على ذلك:

عن محمد بن جعفر بن الزبير قال: جلس عمير بن وهب الجمحي وصفوان ابن أمية بعد مصاب أهل بدر من قريش في الحجر بيسير، وكان عمير شيطانا من شياطين قريش وكان ممن يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ويلقون منه عناء أذاهم بمكة، وكان ابن وهب بن عمير في أسارى أصحاب بدر.

قال: فذكر أصحاب القليب بمصابهم. فقال: إنْ في العيش خير بعدهم.

فقال عمير بن وهب: صدقت والله لولا دين علي ليس عندي قضاؤه وعيالي أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله فإن لي فيهم علة، ابني عندهم، أسير في أيديهم.

قال: فاغتنمها صفوان فقال: عليَّ دينك أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أسويهم ما بقوا، لا نسعهم بعجز عنهم.

قال عمير: اكتم عني شأني وشأنك. قال: أفعل. ثم أمر عمير بسيفه فشحذ وسم ثم انطلق إلى المدينة، فبينما عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بالمدينة في نفر من المسلمين يتذاكرون يوم بدر، وما أكرمهم الله به، وما أراهم من عدوهم، إذ نظر إلى عمير بن وهب قد أناخ بباب المسجد متوشح السيف.

فقال: هذا الكلب والله عمير بن وهب، ما جاء إلا لشر، هذا الذي حرش بيننا وحرزنا للقوم يوم بدر، ثم دخل عمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله هذا عمير بن وهب قد جاء متوشحا بالسيف، قال: فأدخله.

فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها، وقال عمر لرجال من

<<  <   >  >>