للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن تُصارحه فيخجل منك أو تأخذه العزة، ولك هنا في ضرب الأمثلة والتعريض أبوابًا متسعة، فلا تضيق صدر أخيك بالمواجهة المباشرة، اللهمَّ إلا إذا كنت تعرف أنَّ دلالتك إياه بمواطن عيوبه لا تزعجه، بل هو ممن يرى أنَّ خير الناس إليه من يهدى إليه عيوبه.

إخوتاه ..

...إنَّ أحوالنا تغايرت وعُدنا مرة أخرى إلى السُّفول والحضيض لما صرنا لا نتناصح في دين الله، والدين النصيحة، فقوام الدين على بذل النُّصح بين المسلمين، وخيرية الأمة مرهونة بقيامها بحق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ" [آل عمران/١١٠]، والقلب الذي لا ينكر ويأبى العيوب والزلل قلب أغلف انظر كيف قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذونه بسنته ويقتدون بأمره ثمَّ إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون، ويفعلون مالا يؤمرون، فمن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" (١).

...فهذا أضعف الإيمان وأقله، فينبغي ألا نتسامح في تنبيه بعضنا بعضًا إذا خالف الصواب أو بالأحرى في ترك دقيق الآداب الشرعية التي هي شعار الملتزمين باتباع سنة خاتم النبيين والمرسلين، وإلا تعرضنا إلى صدأ القلب وغلبة قسوته من إلفه للمعاصي واستهانته بها من كثرة حدوثها أمامه دون نكير.

...قال عُمر في مجلس من المهاجرين والأنصار! أرأيتم لو ترخصت في بعض الأمور ماذا كنتم فاعلين وكرره فلم يجيبوه.


(١) أخرجه مسلم (٥٠) كتاب الإيمان. باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، وأن الإيمان يزيد وينقص، وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان.

<<  <   >  >>