للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال - صلى الله عليه وسلم -: " بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" (١) فمثل هذا قد امتلأ سوءً، ولكن السؤال لماذا تحتقر أخاك؟

هل لأنَّه أقل منك في المؤهل؟ أو في المركز الاجتماعي؟ أو أقل منك مالا؟ أو أنَّه ليس وسيما مثلك؟

أخي .. اعلم أنَّ كل ذلك لا يساوى عند الله شيئا، فما يغنى عنك مالك وجاهك ومؤهلك وشكلك، كل ذلك سيهلك لا محالة، ويبقى ما قدمت من العمل الصالح. " إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ " [الحجرات / ١٣].

وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " التقوى ههنا " (٢) وأشار إلى صدره، بمعنى أنَّ محلها القلب، وكيف بنا لو احتقرنا مؤمنا أفضل من ملء الأرض مثلنا، لكنه خفي تقي نقي آثر الآخرة، وترك الدنيا التي نتباهى بها.

انتبه ـ أخي ـ فلا ينبغي أن ينقدح في قلبك احتقار أحد كائنا من كان، فعليك أن تبتعد عن السخرية والاحتقار، وسبيلك لذلك أن تعتقد اعتقادًا جازمًا أن كل الناس أفضل منك. ولا يكون لك ذلك حتى تُعظِّم جنايتك، وترى نفسك بعين الصغار، وتديم ذم النفس التي أودت بك إلى مثل هذه المهالك من الذنوب والمعاصي، وعليك أن تسئ الظن بها " فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى " [النجم/٣٢]

إخوتاه ..

" ولا تلمزوا أنفسكم " واللمز: العيب بمعنى لا تعيبوا أنفسكم، فسمى الله أخاك بالنفس كما قال تعالى: " فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ..." [النور / ٦١]. بمعنى على إخوانكم، فلا تعب على أخيك؛ لأنك إذا عبته فقد عبت نفسك، فأنت


(١) جزء من حديث أخرجه مسلم (٢٥٦٤) ك البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقره ودمه وعرضه وماله.
(٢) الحديث السابق .....

<<  <   >  >>