الفئة المباركة تكون على أمل النجاة قبل أن تغرق السفينة، وإن وجود نماذج متعددة لهؤلاء الأخيار هو الطريق الأمثل لنصرة دين الله في الأرض.
...إنني أريدك أن تبحث عن القوَّامين الذين يقيمون الليالي ولا يفترون، عن الصَوَّامين الذين يصومون صيام داود لا يسأمون، عن المتصدقين الذين ينفقون أموالهم سرًّا وعلانية يرجون تجارة لن تبور، عن الدعاة الذين يجوبون مشارق الأرض ومغاربها لإعلاء كلمة التوحيد، هذه النماذج موجودة ولكنها قليلة، ولا سبيل لنموها وتكثير سوادها إلا بالأخوة حين تقف في الصلاة ملتصقًا برجل صالح من أمثال هؤلاء ربَّما تنزل عليه رحمة تصيبك منها ما فيه خيرك إلى يوم الدين.
...حين تسمع عمن يقيم نصف الليل أو أكثر، من يختم القرآن كل ثلاث أو أربع فتسير في ركبه وتخطو خطوة، وتود أن يكون عملك كعمله إن عجزت فربَّما تجد هذه الأعمال في صحيفتك بإخلاص النية.
إخوتاه ...
...هذه فائدة مرافقة الصالحين، بل إنَّ مؤاخاة هؤلاء وحبهم في الله يثمر ثمرة عظيمة هي أن يجمعك الله بهم في الجنة، وربما يكون ذلك سبب دخولك الجنة وإعلاء درجتك فيها لقوله - صلى الله عليه وسلم - "المرء مع من أحب". (١)
...وحين تشارك هؤلاء العلم الصالح يهون عليك ما يثبطك عنه الشيطان وتنفرك نفسك من فعله، فتعتاد الصيام والقيام وتلاوة القرآن والعمل لدين الله تعالى، وتعظم أوامر الله ونواهيه، وتتخلق بأخلاق الصالحين من التواضع ورؤية النفس بعين الجناية والانكسار بين يدي الله جل وعلا، وهكذا لا تعدم خيرًا في اقتفاء أثرهم والسير في دروبهم والجلوس معهم.
(١) متفق عليه أخرجه البخاري (٦١٦٨) ك الأدب، باب علامة حب الله عز وجل، ومسلم (٢٦٤٠) ك البر والصلة والآداب، باب المرء مع من أحب.