...كان عبد الله بن رواحة إذا لقى الرجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: تعال نؤمن ساعة.
...وأورد البخارى معلقًا بلفظ الترجمة عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أنَّه كان يقول: اجلسوا نؤمن ساعة أو بنا نؤمن ساعة.
...فهيا بنا نؤمن ساعة، لماذا لا تشيع هذه السنة المباركة بيننا الآن فيأتى الأخ لأخيه يدعوه لطاعة الله تعالى يأخذه إلى مجلس علم أو حلقة قرآن أو يتنافس معه في الصيام والقيام وتلاوة القرآن فإنَّ هذا باعث على تقوية العزم؛ ولذلك قال تعالى:" وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ "[المطففين/٢٦] وقال تعالى: " فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَات "[البقرة/١٤٨] وقال تعالى: " وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ "[آل عمران/١٣٣] ولذلك كان السلف يتألمون إذا رأى أحدهم من يفضلهم في طاعة الله تعالى، وكانوا حريصين على التخلص من الدنيا فأوصوا بترك التنافس فيها (إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فألقها في نحره) فكيف صار الحال الآن؟!!
...ولعٌ بالدنيا واشتغال بها عن الآخرة، يبيع الرجل دينه بمتاع زائل، فعامة الناس مهمومون باقتناء الأجهزة الحديثة يريد الهاتف المحمول، يريد الحاسوب، يريد القنوات التلفازية ذات البث المباشر، ويريد آخرون أن يلتحق أبناؤهم بالمدارس الأجنبية، يريد أن يعيش في شقة واسعة والشاب يحلم بالفتاة الجملية والسيارة الفارهة ... إلخ.
...هكذا دواليك فيظل المرء منغمسًا في الغفلة، وقد كِيد له ذلك فانصاع، ولم يأل جهدًا في محاولة اليقظة، إنها " صناعة الغفلة " فكيف بالله تجد من يهتم بأمر الآخرة والتنافس فيها في ظل هذا الجو الذي يزكم الأنوف.