وكتب معاوية الى عثمان، يخبره ان أبا ذر يطعن عليه، فكتب عثمان يأمره بحمله اليه، فحمله على قتب، «١» تحته مسح، «٢» وخرجت معه، فكنت ألقى تحته ردائى، فقرحت فخذاه، وقدمنا المدينة، فلما دخل على عثمان قال:
لا أنعم الله لقين «٣» عينا ... أبدا ولا عساه فينادمنا
تحيّة السّحط اذا التقينا
فقال أبو ذر: وما قين؟ والله ما سمتنيه أمى ولا أبى، ولكن رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- كان اذا رآنى رحب بى، وأدنى مجلسى، قال عثمان:
اجلس. ألم يبلغنى أنك تقول: ما أحب أن أكون فى صلاح عمر بن الخطاب؟ قال: وان قلته فمه «٤» أسلمت كما أسلم، وهاجرت كما هاجر، وأنا على يقين من نفسى، وشك من غيرى، فقال عثمان: ما ترون فى أبى ذر؟ ودخل على- عليه السلام- وعليه عمامة بيضاء، فقال: لم أرسلت الى؟ قال لامر أبى ذر، قال: فلوما تركتموه كمؤمن آل فرعون. ان كان كاذبا فعليه كذبه، فقال عثمان لعلى: بفيك التراب قال: بل بفيك قبلى، ثم خرج، فمكث الناس أياما، ثم دخل أبو ذر وبين يدى عثمان مال، فقال:
ما ترون فى رجل اذا زكى ماله؟ هل عليه غيره؟ قال كعب الاحبار: لا ليس عليه شىء، فقال أبو ذر: متى كانت الفتيا اليك يا ابن اليهوديه؟ بل عليه أن يصل رحمه، ويتقى الله ربه، فقال عثمان: عن بلدنا، قال الى الشام؟ قال:
لا، قال: فمكة؟ قال: لا. قال: فهو التغريب بعد الهجرة، فخرج الى الربذة ومعه على يشيعه، فأقبل مروان يسير حتى أدخل راحلته بين راحلتيهما ليسمع ما يقولان، فضرب على وجه راحلته، وأعلم عثمان، فلام عليا فقال: