ولقيهم عثمان من الغد فى أصحابه فاقتتلوا قتالا شديدا، حتى زالت الشمس، وكثرت القتلى، ثم كتبوا بينهم كتابا لا يتعرض بعضهم لبعض حتى يرد على- عليه السلام-، فوقفوا أياما، ثم جاء عبد الله بن الزبير فى أصحاب له، فطرق «١» عثمان بن حنيف وأسره، وجىء به الى طلحة والزبير فأمرا به فضرب، ونتفت لحيته، وأرادا قتله، فقال معاذ بن عبد الله: ان قتلتموه لا آمن الانصار على ذراريكم بالمدينة، فحبسوه، ثم أرسلوه، فقال حكيم بن جبلة:
ما كنت فى شك من قتالهم، ولقد ازددت فيه بصيرة، فمن كان فى شك فلينصرف فخرج فى سبعمائة من عبد القيس وبكر بن وائل، فقاتلهم، فضرب رجل منهم ساق حكيم فقطعها، فأخذها حكيم فرماه بها فصرعه، ثم جاء اليه فقتله، واتكأ عليه، فمر به رجل فقال: من قاتلك؟ قال وسادتى، «٢» وقتل يومئذ سبعون رجلا من عبد القيس، وبلغ أمرهم عليا فقال:
دعا حكيم دعوة سميعه ... نال بها المنزلة الرّفيعه
يا لهف «٣» نفسى على ربيعه ... ربيعة السّامعة المطيعه
أتيتها كانت بها الوقيعه ... بين محلّى سوقها والبيعه «٤»
فى كلام هذا معناه.
وحدث أسد بن سعيد عن أبيه عن جده عن جد أبيه قال: بلغنى ان عبد الملك بن مروان قال لجلسائه: أخبرونى عن حى من العرب فيهم أشد الناس وأسخاهم وأخطبهم، وأطوعهم فى قومه، وأعظمهم خطرا، وأحلمهم وأحضرهم جوابا، وأسرعهم انتصافا قالوا: فى قريش؟ قال: لا. قالوا: ففى حمير؟ قال: لا. قالوا: ففى مضر؟ قال: لا.