وأوهمهم أنها هلكت، ثم لقيها بعض بنيها فعرفها، ورفع أمرها إلى ربيعة بن حدار الأسدى، فأمر برجمها فرجمت، وذكر أنها تمارضت ثم تماوتت حتى حملت إلى المقابر فدفنت، فلما انصرف القوم عطف عليها صديقها فأخرجها وذهب بها والله أعلم، وهذا بعيد، على أن النساء مع ضعف عقولهن ربما أبدعن فى الحيلة وأجدن المكيدة، ولا تتم حيلهن إلا على الرجال، لاستضعافهم لهن واستغبائهم إياهن وظنهم أن المرأة ليس لها قوة ولا عزيمة، ولا يغلبك مثل مغلب.
ومن حيلهن ما حدثنا به أبو القاسم الكاغدى قال: أخبرنا العقدى عن المدائنى أن ابن زائدة فى فوارس لقوا رجلا ببعض بلاد الشرك معه جارية لم ير مثلها شبابا وجمالا، فصاحوا به أن خل عنها ومعها قوس فرمى بعضهم فجرحه فهابوا الإقدام عليه، ثم عاد ليرمى فانقطع وتره، فأسلم الجارية واشتد فى جبل كان قريبا منه، فابتدروها»
وفى أذنها قرط فيه درة فانتزعها بعضهم فقالت:
ما قدر هذه؟ كيف لو رأيتم درتين فى قلنسوته «٢» فاتبعوه فقالوا: ألق ما فى قلنسوتك، وفيها وتر قوس كان أعده ونسيه، فلما ذكروه عقده فى قوسه، فولى القوم ليس لهم هم إلا أن ينجوا بأنفسهم، وخلوا عن الجارية.
وأخبرنا باسناده عن المدائنى قال: كان لرجل من الخوز ضيعة بالبصرة يغشاها فى كل حين، فتزوج بالبصرة فبلغ امرأته الخوزية ذلك، فلطفت حتى عرفت اسم ولى امرأته، فافتعلت كتابا منه إلى زوجها تعلمه فيه أنها ماتت، فينبغى أن ترد البصرة لقبض ميراثها، فلما أصلح الرجل أمره للخروج قالت له:
يا هذا قد أنكرت طول اختلافك إلى البصرة وقد تخوفت أنك تزوجت بها، فلا تفارقنى حتى تطلق كل امرأة لك بالبصرة، فقال فى نفسه: ما على أن أرضى هذه بما لا يضرنى، فحلف بالطلاق على كل امرأة بالبصرة، فلما فرغ قالت