والحمد لله من ذكر أخبار القاهر والأحداث فى أيامه، ونحن نذكر الآن بيعة الراضى بالله، وما كان من أمره والأحداث فى أيامه إن شاء الله (٢٧) ، والنديم يقول: كتاب (الأوراق فى أخبار الخلفاء والشعراء) ، ولم يتمه، والذى خرج منه: أخبار الخلفاء بأسرهم،.. مما يدل على أن الكتاب ضخم، ويقع فى أجزاء عديدة، حتى ولو لم يتمه الصولى.
وهو ليس كتابا فى التأريخ بالمعنى الدقيق للتأريخ، ولكنه تسجيل لأحداث عاصرها الصولى، لها أهميتها، تسجيل انطباعى ليس وراءه فلسفة تهتم برصد الأسس العامة التى بنيت عليها الدولة الإسلامية، والثوابت التى تأصلت فى حياة الأمة من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عهد الدولة الأموية فالعباسية، والمتغيرات السياسية والاجتماعية والفكرية والعلاقات الدولية، والتيارات المتشابكة والتطورات المتلاحقة فى الداخل والخارج.. إلخ، مما تلتقطه- فى العادة- عين المؤرخ المدرّب، كتاب الأوراق بأجزائه التى وصلت إلينا، أخبار بالمعنى الدقيق للكلمة، رصد لأحداث حدثت بالفعل، قام به رجل أديب كاتب بارع يمارس الشعر وليس بشاعر له علامة فارقة، لا هو ولا الخليفة الراضى الذى حرص على نقل قطعة كبيرة من شعره على حروف الهجاء من الألف إلى الياء، بالإضافة إلى غيره من الخلفاء ولا استثنى منهم سوى ابن المعتز. نظم الشعر شيء، ولو كان جيدا، وإبداع الشعر الذى له صوته الخاص، وروحه الخاصة، وتفرده وغرابته وتوحشه أيضا شيء آخر، ولهذا فرّق النقاد بين مطلق الشعراء وفحول الشعراء.