صحوه ولا سكره ولا جده ولا هزله. وما كان إلا محبا للأمير مغتبطا به، ولقد كان يتصنع فى مدح ابن رائق حين كرهه ويقرظه ويصفه فما كان يخفى علينا ضميره فيه هذا من قبل ان يظهر لنا ما فى نفسه عليه فقال لى صدقت والله وكذب هؤلاء، وما يدريهم؟ كان الأمر عندى كما قلت ثم حدثته بما قد ذكرته من قول الراضى «أنا أعلم أن الناس يقولون» . فضحك وقال ما كان إلا نهاية فى عقله ودهائه وملقه،- يريد بجكم هذا وإن لم يلفظ بهذا اللفظ- ولكنى أعتب عليه بانه كان شديد الجبن يؤثر لذته وشهوته على رأيه. فعجبت والله من عقل بجكم، جاء والله بعيبيه اللذين ما كان فيه غيرهما ثم حدثته أنا كنا نقف على مكاتبته الأمير سرا ليأذن له فى المصير إلى بغداد ويشكو إليه ما كان يجرى عليه من ابن رائق فيكتب اليه «عليك بالوفاء لمن اصطعنك، وأحسن اليك» إلى أن كتب اليه الامير «أعوذ بالله أن يكون مولاى يريد قتلى كما يريده ابن رائق لأنه أعطانى جيشا بمال معلوم ثم لم يوفنى استحقاقهم، وهذا يبقى على دمى» وأنه لما ورد عليه كتاب الأمير بهذا كتب اليه: «والله ما أحب أن يتأذى بشىء أقل جندك وأتباعك لموضعك عندى، وما يستحقه شجاعتك ومناصحتك فكيف أحب ما ذكرته فيك وإذ صار الامر إلى هذا، وجعلت وصيتى لك بالتمسك بالوفاء وحسن العهد سببا لزوال أمرك فما أحب هذا، افعل ما يصلحك» فلما قرأ الأمير هذا الكتاب أقبل إلى بغداد. فقال كان كذا والله