وكنا يوما بين يدى الراضى، وهو يشرب فلغط الجلساء فجذب الدواة والدرج وكتب فيه شيئا وناولنيه فإذا فيه:-
لما برمت براحى وانقضى الأدب ... قرنتها بأناس شانهم إرب
تراهم الدّهر لا يروون من لغط ... على المدام فلا التذّوا ولا شربوا
ولم يزل الراضى نحو سنتين من خلافته، لا يشرب النبيذ ونشربه نحن بين يديه. وربما شرب الجلاب وأنا مصوب له ذلك مساعد عليه حتى أغواه أصحابنا فقال «إنى أعطيت الله عهدا أن لا أشربه أبدا» وكتب رقعة بلفظه بيمينه وعرضها على الفقهاء، فوجد رخصة فوجه بألف دينار إلى لأتصدق بها عنه وشرب:
وقال لى يوما أنشدنى تشبيب قصيدتك البائية فى ابن فرات فانه عندى أحسن تشبيب سمعته قط فأنشدته
سيّدى أنت إنّنى بك صبّ ... بين أيدى الهموم والشّوق نهب