جام فيه دراهم مثل ما فى الرغيف فضج الجلساء لذلك وسألوا أن يفعل بهم مثل ذلك فقال إلا أن هذين استطابا طعامنا فأزلا منه لغد ما يقصر عن كفايتهما فأحببنا أن نتمم أمرهما بما فعلناه ولم يكن لكم سبب فى مثل هذا فنفعل بكم كما فعلناه بهما. فانصرفنا ولم يأخذ أحد شيئا غيرنا وأعطينا الرغيف والجام كما رفعا، فكان فى الجام ألفا درهم وكذلك على الرغيف.
ولما ورد قتل ياقوت على الحجرية اضطربوا اضطرابا شديدا واجتمعوا إلى الراضى بالله وقالوا قبضت على ابنه أبى بكر لغير ذنب فحبسته، ثم قبضت على أخيه أبى الفتح ثم كتبت إلى ابن البريدى فى قتله، فجلس لهم وأحضر القاضى، وأحضر معه من العدول أبا الحسن الهاشمى بن أم شيبان، وابن عمه عبد الوهاب، وجلس الراضى لهم ليلا. فدخلوا إليه وهو على كرسى، فلغطوا وكان الصغار اشد كلاما وأبسط ألسنا من كبارهم وقوادهم. فتركهم حتى تكلموا بكل ما أرادوه وأخرجوا ما فى أنفسهم، ثم أقبل عليهم رابط الجأش ذرب اللسان فكلمهم أحسن كلام، وقال: إن كان هذا الأمر قد صح عندكم. فعرفونى من أى وجه صح لأعرفها كمعرفتكم؟ وإن كان ظنا فالظن يخطىء ويصيب، وإنما ظننتم هذا بمجىء أخ البريدى أبى الحسن إلى الدار هذه الأيام، وإنما كان يجىء بكتب أخيه يشكو معاملة ياقوت، ثم أخرج فصولا من كتب، فدفعها إلى القاضى فقرأها عليهم. وفيها جوابات من ياقوت إلى ابن البريدى، وقد أنفذها ابن البريدى إليه ثم قال له