فحدثنا الراضى بالله أنه سمع الديالم فى المنزل الذى رحل منه إلى تكريت- وقد مرقوم منهم خلف مضربه فصاح بهم الخدم- يتكلمون بكلام قبيح، وقال أما لهؤلاء دين ولا عليهم طاعة وجرى ذكر ابن رايق وقوة أمره فغمزنى ذكى الحاجب فى كلامه وظننت أنه بما سمع من الديالمة قد فش عزمه، فقلت: يا أمير المؤمنين، بغداد دار المملكة ووطن الخلافة وفتقها لا يتلافى، فقال إنما كانت بغداد كذا حيث كان فى بيت المال بها عشرة آلاف ألف دينار فى أيام المعتضد وضعف لها فى أيام المكتفى، فأما ولا مال بها فهى كسائر البلدان، فقلت فيها ما هو أجل من المال، الأميران بلغ الله سيدنا ما يأمله فى نفسه وفيهما، وفيها حرم الخلافة وذخائرهن. وأعاننى العروضى بكلمة فصاح عليه فسكت، ثم أقبل على فقال يا هذا كم تنصحنى فى هذا الأمر وما استنصحتك، وتشير على وما استشرتك! فقلت خطأ والله من عبدك وفرط إشفاق، لا أعود لشىء من هذا أبدا.
وقمت إلى ذكى فقلت له أو مأت إلى بالقول فنالنى ما رأيت، فقال لى ما بالصواب أن يعيد أحد فى هذا شيئا. وكانت نوبتنا هى النوبة التى تصل اليه ونأنس بها ويديم إعطاءها والاحسان اليها، ونوبة بنى المنجم مجفوة لا يصلون اليه إلا فى المدة البعيدة، فلما سار فى الماء يريد تكريت سرنا نحن على الظهر وطلبنا فلم يجدنا، وسار بنو المنجم فى الماء وتعرضوا له فجلسوا معه، فكايدنا بهم وساواهم بنا وقال: السفر