ولما ظفر ابن رايق وجاءه فاتك وصار إليه مال بجكم الذى ذكرناه أفكر فى الأموال العظام وكاتب فى أمر الخلافة جماعة، ووجه إلى الحسن والحسين ابنى الفضل بن المأمون فأخذهما إلى داره وقدر مال البيعة فاذا هو على التقليل ثمانمائة ألف دينار فقال له ابن مقاتل:
نحن لا نملك عدد هذه دراهم، فكيف نحتالها دنانير افرد ابنى المأمون إلى منازلهما وأضرب عن هذا الرأى.
ووجه محمد بن يحيى بن شيرزاد إلى الموصل فى أشياء أرادها فوصل إلى الراضى بالله وإلى بجكم ووجه الراضى بالله القاضى عمر بن محمد برسالة إلى ابن رايق ولزمه وكان يخلو به وبابن مقاتل، وربما حضر ابن سنكلا وألزم ابن مقاتل الأمر وقال إن السلطان يعلم أن هذا يتصرف برأيك ومتى أعنتنى على أمر الصلح وقع لك ذلك أجمل موقع، فاتفق الرأى على خروج ابن رايق إلى الشام واليا عليها. فاقتصر على من أراد من أصحابه وأخرج مضربه، وكل من استغنى عنه ابن رايق لحق بالبريدى مثل جنى الحمدانى وجماعة قواد وفرسان وخرج ابن رايق عن بغداد يوم الأحد لثلاث خلون من شهر ربيع الآخر، وركب بشرى الأثرم غلام الراضى بالله، وكان أنفذه الراضى معه لشرطة بغداد إذا رحل ابن رايق عنها، فنادى فى الذعار وأخذ جماعة من العيارين وطاف فى الجانبين فسكن البلد بعد افتتان عظيم وأظهر القاضى كتابا ورد عليه من السلطان وأمر بأن يقرأه عدوله فى مجالسهم بأن السلطان لم يؤاخذ أحدا من أهل بغداد بشىء مما جرى،