وأنه إذا ورد أحسن إليهم كل الإحسان ولم يطلق يد بجكم عليهم وأمر أن لا يتبع أحد ولا يعنت فسكن الناس إلى ذلك وسروا به (رجعنا إلى أمر الراضى بالله ورحيله، من تكريت ونزوله على أربعة فراسخ) ووافى الخبر بظهور ابن رايق وقصده الدار، وكان الراضى فى طيار وقد طلبنا وما وصلنا إليه بعد ورود هذا الخبر، فجاء القاضى وابتدأ يكلمه ويشير عليه بالتوقف والنظر فى الرجوع فأسبل غشاء الطيار بينه وبينه، وأمره بالأنصراف، فانصرف. ودعا بذكى حاجبه وقال:
أنا أعبر إلى الجانب الغربى الساعة فاعبر بدوابى ودوابك ومن تبعك من الغلمان فانى أركب البرحتى ألحق بالموصل، وليسر الناس فى الماء ويكون الذى يسير بهم ويحفظهم سعيد بن حفيف السمرقندى ويشاور القاضى فى جميع ما يفعله وعبر من وقته وعبر ذكى وجماعة من الغلمان والفرسان، فحدثنا هو لما وصلنا إليه إلى الموصل أنهم كانوا كلهم نحو خمسين ومائة وأن الهيبة حرسته بعد حفظ الله من أن يتخطف وأنه جاع فى الطريق ولم يجد ما يأكل وأن خيرا غلام ذكى الحاجب كان ربما طبخ له القدر والقدرين فيأكلها إلى أن وافى الموصل فى أربعة أيام وقد ماتث الدواب وهلك أكثر من كان معه، فنزل دار الحسن ابن عبد الله، وسار سعيد بن حفيف بالناس وحفظهم أحسن حفظ، على أنه ليس معه أحد ولا له معين، وكان بنفسه وغلمانه وغلمان من معه فى الزواريق بمنع الاعراب والزواقيل ويحرس الناس بنفسه ولا ينام