وحدثنى من أثق به من التجار أن تاجرا من قطيعة الربيع حمل أمتعة فى هذه القافلة لزمه لكرى أحماله نحو ألفى دينار، فما ظنك بمتاع هذا مبلغ كرائه! وكم تظن أن قيمته تبلغ؟
وإنما كثر المال فيها والمتاع لأن قوما من مياسير التجار خرجوا بجميع أملاكهم هربا من جور تكينك التركى صاحب أمر بجكم كله، فانه أفرط فى ذلك وأسرف وبجكم لا يعلم بما يفعله بالناس، فلما صح ذلك عنده وجه بأبى حامد الطالقانى من واسط حتى قبض عليه، فلما وصل إليه حبسه وأخذ منه مالا وكان بجكم يزعم أنه قد فقد مما كان عنده أموالا جليلة.
ولما رأيت أنا أن المتقى لله لا يريد جليسا، وما سمع بخليفة قط قال: لا أريد جليسا، أنا أجالس المصحف أفتراه ظن أن مجالسة المصحف خص به دون آبائه وأعمامه الخلفاء. وكان وحده دونهم، أو أن هذا الرأى غمض عليهم وفطن هو وحده له؟ فاستأذنت فى الخروج فأذن لى.
ولقد كنا وقوفا بين يدى المتقى فقال لنا بعض الخدم: ليس هذا مثل الراضى هذا لا يريد الجلساء، فقلت لهم لئن كان هذا الامر كما زعمتم فانه ردىء لنا وردىء لكم، وأعظم الأمر أنه ردىء على الخليفة وعائد بخلاف ما يهواه ويقدره، فما زال بعض الخدم يقصدنى ويقول لى كان الأمر كما قلت لنا.
ولما وصلت الى واسط دخلت الى بجكم فأكرمنى وقربنى وأمر