أن يؤخذ لى منزل بقربه، وأدخلنى فى جملة ندمائه وذوى أنسه، ووصلنى سرا وعلانية، وكان ربما وجه الى بالعشيات اذا خلا، فأدخلنى أنا وقاضى واسط المعروف بالعسكرى، فربما شاورنا فى الشىء.
وأنا أجمل وصفه ووصف حسن أخلاقه وجميل عشرته وعلو همته ومحبته، لأن تبقى آثاره بعده، كما بقيت آثار أجلاء الملوك.
فجملة أمره أن كان عقله أكثر شىء فيه، فسأله جماعة من أهل واسط أن يأمرنى بالجلوس لهم فى المسجد الجامع يوم الجمعة، فتقدم إلى بذلك، فقلت له قد جعلت لهم مجلسين فى مسجد على بابى فى كل أسبوع، وأنا ما جلست ببغداد وهى بلدى ومولدى بعد فى المسجد الجامع! فقال لى إنى أحب أهل واسط وقد أحبونى وأنا حريص على عمران بلدهم وتبليغهم جميع ما يحبونه، فاجلس لهم فى الجامع ففعلت.
وكان ربما شغلونى عن خدمته والأوقات التى يريدنى فيها لمواكلته ومجالسته، وكنا نخدمه فى كل يوم بلا نوبة، فجعل لنا من أجل مجلس الجمعة يومين فى الأسبوع الثلاثاء والجمعة نجلس فيهما فى بيوتنا فكنت مباركا فى ذلك على الجماعة المجالسين له ولقد قال يوما وكان يفهم العربية كلها اذا خوطب، ويحسن الجواب، ولكنه كان يقول أخاف أن أتكلم بالعربية فأخطئ فى لفظى، والخطأ من الرئيس قبيح، فلذلك أدع الكلام. فقال لى يوما أتدرى ما كتب به الى بعض أصحاب الأخبار- وما رأيتهم قط مع أحد اكثر منهم معه- ففزعت والله وقلت وما هو أيد الله الأمير؟