حتى حدثنى القاضى أبو عبد الله محمد بن عيسى أنه صار اليه فأشار عليه بمثل مشورتى فأبى الله عز وجل إلا ما أراد ولقد حدثنى بعض الخدم ممن أثق به أن المتقى لله اضطرب من الخروج، فقال له الترجمان ومساعدوه على هذا الرأى: إنا قد تحدثنا بالقبض عليك فامتنعنا من ذلك، وأشرنا بالخروج عليك، وقد كشفنا الأمر لك.
فلما سمع هذا خرج غداة يوم الخميس وركب على الظهر، ووافى الشماسية، وخرج معه وزيره على بن محمد بن مقلة والحاجب أحمد بن خاقان ولؤلؤ صاحب الشرطة وأبو جعفر الخياط، وتبعه حاشية الدار وجماعة من وجوه البلد وجلس المتقى لله فى الخراقة، وتلاحق به من بقى من حاشيته وخرج معه قاضيه وأسبابه، وجاء ابن أبى العلاء وجميع من معه فقبلوا يده وعرفوه سرور ناصر الدولة بمصيره اليه.
وركب الترجمان يوم الجمعة من الجانب الغربى بمطارد مذهبة ومعه أصحابه، وأودع جميع ما كان له قبل خروجه أياما متوالية، حتى أودع أصناف النبيذ فوجد بعد ذلك فما بقى الله منه شيئا.
وصلى صاحب الصلاة بالناس فى المعسكر يوم الجمعة لثلاث خلون من صفر، ومدت خراقات الخليفة بعد الصلاة ودخل الناس معه، وخلت بغداد واستوحش أهلها وكتب الخليفة إلى صاحب الشرقية أحمد بن جعفر الزطى بكتاب