ولقد حدثنى بعض الخدم أن بعض الرؤساء قال المتقى لله يا سيدى خروجك إلى ابن حمدان أشد على توزون من ضرب عنقه، وفى خروجك انحلال أمره وأعظم المكيدة له ولا والله ما نصحوه وإنما خافوا على أنفسهم من توزون، فخوفوا الخليفة منه ولو كان معه من ذوى نصحه من كان يعرف حقيقة الرأى ما تركه يخرج. وذلك أن توزون ما خالفه فى شئ أراده، وما زال ساعيا فى مراده ومحبوبه، كان أمره جاريا مع البريدى ببغداد على أفضل إرادته فلأجل الخليفة ما احتال فى أخذ البريدى، فلم يمكنه ذلك لخذلان قوم كانوا وعدوه أن يكونوا معه، فحارب ليله ونهاره ثم صار إلى سرمن رأى وكتب إلى الموصل يشير بالانحدار إليه وأنه يتضمن حرب القوم فما فعلوا، حتى خرج إليهم فحشرهم وأنهضهم، وقد كان أشار بمصالحة البريدى، وأخذ أموال منه، ثم يكون بعد ذلك على رأس أمره، فأبى الخليفة عليه، فاتبع أمره وانحدر وكان كاتبه فى الحيلة على بنى حمدان، فأخرج سيف الدولة عن واسط فما الذى أوجب أن يستوحش منه؟
ولقد صرت إلى القاضى أبى الحسين، فقلت له إن هذا الخليفة ما يجالسنا، وزعم أنه لا يريد جليسا، يخالف الناس جميعا فى هذا إلى عصره، وليس له رزق على، ولكن نصحه واجب، وهو يقبل رأيك فاتق الله ولا تدعه يخرج، فانه إن خرج لم يعد وخربت بغداد، وأضر بالعامة، فتضمن لى ذلك. وما ظننت أن أحدا فعل هذا معه غيرى.