للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى جِذْمِ مَالٍ قد نَهِكْنِا سَوَامَهُ ... وَأَعْرَاضُنُا فيهِ / بَوَاقٍ صَحَائِحُ

/ لَنَا حَمْدُ أَرْبَابِ المِئينَ ولا يُرَى ... إلى بَيْتِنَا مَالٌ مَعَ اللَّيلِ رَائحُ

ويكونُ على روايةِ منْ رَوَى: «عَظِيمَاتُ» (١) منْ هذا المعنى، عبَّرَ عن الكثرةِ بالعِظَمِ، وقد يكونُ معنى: «عَظِيمَاتُ المَبَارِكِ» كنايةً عن سِمَنهِنَّ وعِظمِ جُثَثهِنَّ، فعبَّرِ بعظمِ مبارِكهِنَّ عن ذلك.

وقد يكونُ معنى «قَلِيلَاتُ المَسَارِحِ» عِبارَةٌ عن قِلَّةِ الأمكِنةِ الَّتي تَرعى فيها منَ الأرضِ، وأنَّها لا تبعدُ في المرعى فتكثرُ مسارحُها، ولكنْ رعيُها أبدًا بقُربِ المنزلِ وحولَ الفناءِ، وبحيث لا يبعدُ طلبُها متى احتيجَ إلى نحرِها، ويزولُ اعتراضُ المُعترِضِ بهُزالِها لِقلَّةِ رعيِها؛ فقد يكونُ في قربِ منازِلَ أربابِها ما يغنيها لخصبِه وكثرةِ كلئِهِ.

ومعنى قولِها: «إذَا سَمِعْنَ صَوْتَ المِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَهُنَّ هَوَالِكُ»، أي أنَّه مِمَّا كثُرتْ عادتُه / بإنزالِ الضِّيفان وإطعامِهم وسقيِهِم وضربِ المعازفِ عليهم ونحرِه للإبلِ؛ لذلك صارتْ الإبلُ إذا سَمِعتْ المعازِفَ عرَفَتْ- بجرْيِ عادتِها- أنَّها تنحرُ، هذا معنى قولِ أبي عُبيدٍ (٢) وغيرِه.

ويُؤيِّدُ هذا التَّأويلَ: قولُها في الطَّريقِ الآخرِ: «إذَا سَمِعْنَ / صَوْتَ الضَّيفِ» (٣).


(١) أخرجه أبو موسى المديني في «اللطائف» (٩٠٨)، من طريق الحارث بن أبي أسامة، عن محمد بن جعفر، عن عيسى بن يونس بإسناده، وقد سبق.
(٢) «غريب الحديث» (٢/ ٢٩٩ - ٣٠٠).
(٣) أخرجه الخطيب في «الأسماء المبهمة» (٥٢٩)، وابن طبرذد (٨)، من طريق الزبير بن بكار بإسناده، وقد سبق.

<<  <   >  >>