للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابنِ عُروةَ، عن عُروةَ، عن عائشةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

هكذا قال النَّسائيُّ (١): عن عُروةَ، عن عائشةَ.

وقال الدَّارقطنيُّ (٢): عن أبِيه، عن عائشةَ. فجعلُوه من قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نصًّا من غيرِ احتمالٍ، وأسندُوهُ بطولِهِ.

وهكذا ظاهرُ روايةِ حنْبلِ بنِ إسحاقَ (٣)،

عن مُوسى بنِ إسماعيلَ


(١) «السنن الكبرى» (٩٠٩٣).
(٢) «العلل» (٣٤٩٠)، و «أطراف الغرائب» (٦١٣٩).
(٣) أخرجه أبو عوانة في «المستخرج» - كما في «إتحاف المهرة» (٢٢٠٠٥) - وعلي بن المديني في «تسمية من روي عنه من أولاد العشرة» (ص: ١٧٢)، والحنائي في «الحنائيات» (٢٢)، والخطيب في «الفصل للوصل المدرج» (١/ ٢٣٧)، وابن رجب في «ذيل طبقات الحنابلة» (٣/ ٢١٧)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (١/ ٣٣٩)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (٤/ ٤٢٦)، من طريق حنبل بن إسحاق به.
وقد تابع حنبلَ بن إسحاق على روايته هكذا: هشامُ بن علي السيرافي، وإبراهيمُ بن يحيى بن ميمون- كذا عند أبي عوانة جمع ثلاثتهم (هشام بن علي، وحنبل بن إسحاق، وإبراهيم بن يحيى بن ميمون).
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٢٣/ ١٦٤) رقم (٢٦٥) عن العباس بن الفضل الأسفاطي.
ثلاثتهم (هشام بن علي، وإبراهيم بن يحيى بن ميمون، العباس بن الفضل الأسفاطي) عن موسى بن إسماعيل به مثل رواية حنبل بن إسحاق.
وأخرجه مسلم (٢٤٤٨) عن الحسن بن علي الحلواني، عن موسى بن إسماعيل به ولم يسق لفظه.
قال أبو العباس القرطبي: وقد رواه سعيد بن مسلم المديني، عن هشام بن عروة، عن أخيه عبدالله، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كنت لك كأبي زرع لأم زرع». ثم أنشأ يحدِّث بحديث أم زرع وصواحبها، قال: اجتمع إحدى عشرة امرأة ... وذكر الحديث. فتوهم بعض الناس: أن هذا الحديث كلُّه مرفوعٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنسبه إليه، وجعله من قوله. وهو وهم محض؛ فإنَّ القائل: ثم أنشأ يحدِّث؛ هو: هشام يخبر بذلك، عن أخيه، عن أبيه: أنه أنشأ بعد ذلك القول المتقدِّم: يحدَّث بالحديث. اهـ «المفهم» (٦/ ٣٣٤).
ونقل ابن حجر مثل هذا الكلام عن المصنف ثم قال: وأخذ القرطبي هذا الاحتمال فجزم به وزعم أن ما عداه وهم وسبقه إلى ذلك ابن الجوزي، لكن يعكر عليه أن في بعض طرقه الصحيحة ثم أنشأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث، وذلك في رواية القاسم بن عبد الواحد التي أشرت إليها ولفظه كنت لك كأبي زرع لأم زرع ثم أنشأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث فانتفى الاحتمال ويقوي رفع جميعه أن التشبيه المتفق على رفعه يقتضي أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع القصة وعرفها فأقرها فيكون كله مرفوعًا من هذه الحيثية ويكون المراد بقول الدارقطني والخطيب وغيرهما من النقاد أن المرفوع منه ما ثبت في الصحيحين والباقي موقوف من قول عائشة هو أن الذي تلفظ به النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سمع القصة من عائشة هو التشبيه فقط ولم يريدوا أنه ليس بمرفوع حكما ويكون من عكس ذلك فنسب قص القصة من ابتدائها إلى انتهائها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - واهمًا كما سيأتي بيانه. اهـ «فتح الباري» (٩/ ٢٥٧).
قلت: هذا الكلام فيه أمران:
الأول: أن الخطيب البغدادي سبق كُلًّا من القرطبي وابن الجوزي إلى هذا الكلام، فقد قال - رحمه الله -: ونرى أن القائل في حديث سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، عن هشام الذي ذكرناه: «ثم أنشأ يحدث بحديث أم زرع وصواحبها»، هو هشام بن عروة، حكى أن أباه أنشأ يحدث وأدرج ذلك القول، فصار كأنه إخبار من عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدث بحديث أم زرع. اهـ «الفصل للوصل المدرج» (١/ ٢٤٤).
الثاني: أن طريق القاسم بن عبد الواحد ضعيف، وقد سبق وبينت ما فيه (ص ٥٨ - ٥٩).

<<  <   >  >>