حبسوه لم يلتحم لَكِن يحدث الفتق الَّذِي عاقبه مَخَافَة الشريان.
وَأما أَنا فقد ألحمت مرَارًا كَثِيرَة الشريان وَلم يحدث هَذَا الفتق.
قَالَ: وَقد يعرض مثل هَذَا فِي الْبرد الشَّديد من الْعُرُوق الْغَيْر الضوارب فِي بعض الْأَحْوَال وَقد يحدث من القوابض دَائِما.
قَالَ: وَإِذا اضطررت من أجل النزف بترته بنصفين ضَارِبًا كَانَ أَو غير ضَارب.
قَالَ: وَكَانَ رجل أَصَابَته ضَرْبَة فِي عُنُقه فأصابت شرياناً فعسر قطع الدَّم فبترت الشريان وَوضعت على الْموضع دَوَاء الصَّبْر والكندر وَبَيَاض الْبيض ووبر الأرنب فالتحم وَلم يحدث شقّ.
لي أَصْحَابنَا فِي المارستان يستعملون الكمون والقلقطار والنورة وَقد انْفَتح شريان عَظِيم فَأَما من اخْتِصَار حِيلَة الْبُرْء: مَتى انبثق دم من جِرَاحَة فَإِن ضم شفتيها برفائد والرباط برأسين يقطع الدَّم وَمَتى خيطت الْجراحَة كَانَ أَجود مَعَ ذَلِك وَمَتى حشيت الْجراحَة بخرق مبلولة بخل قطع الدَّم وبالفصد فِي الْجَانِب الْمُخَالف باستفراغ دم كثير فِي مَرَّات كَثِيرَة فَإِن هَذَا النَّحْو أبلغ فِي جذب الدَّم.
قَالَ: والرباط أَيْضا من فَوق مَوضِع الْجرْح نعم العون على قطع الدَّم وَيجب أَن لَا يكون سلساً فَإِنَّهُ لَا ينفع وَلَا شَدِيدا جدا فَإِنَّهُ ينفع ويوجع.
لي أما سَاعَة بِمِقْدَار مَا تعالج أَنْت مَوضِع الْجرْح بِمَا تُرِيدُ من شَيْء يحبس فِيهِ أَو تخيطه وتربطه وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهُ يجب أَن تشده شداً شَدِيدا ليقطع انبعاث الدَّم الْبَتَّةَ فَإِذا فرغت مِمَّا تحْتَاج إِلَيْهِ من علاج الْجرْح لم تحل الرِّبَاط ضَرْبَة لَكِن ترخيه قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى يصير بِحَالَة يقدر العليل أَن يحْتَملهُ وَإِذا رَأَيْت أَن الدَّم قد انْقَطع أرخيته أَيْضا مَا قدرت عَلَيْهِ حَتَّى يصير غير مؤذ الْبَتَّةَ ثمَّ دَعه بِهَذِهِ الْحَالة مُدَّة فَإِن هَذَا التَّدْبِير نعم العون على قطع الدَّم بل لَا يُمكن بِغَيْرِهِ الْبَتَّةَ. وَذَلِكَ أَنه مَا دَامَ يزرق فِي وَجهه لَا يمكنك أَن تستمكن من حَشْو الْجراحَة وَلَا خياطتها وَلَا من وضع دَوَاء عَلَيْهَا وَلَا من شدها وَلَا غير ذَلِك من العلاج.)
٣ - (الْأَدْوِيَة المفردة الأولى)
الكي إِنَّمَا يقطع بِهِ القشرة الصلبة الَّتِي يحدثها. قَالَ: وَلذَلِك نستعمل الكي فِي وَقت نزف الدَّم بمكاو قد أحميت غَايَة الإحماء لِأَنَّهُ مَا لم يكن كَذَلِك فَإِنَّهُ مِمَّا لَا ينْتَفع بِهِ من منع الدَّم فقد يزِيد انبعاثه لِأَنَّهُ لَا يبلغ أَن يحدث قشرة عميقة قَوِيَّة ويبلغ أَن يسخن الْمَكَان اسخاناً شَدِيدا.
قَالَ ج فِي الثَّانِيَة من آراء ابقراط وأفلاطن: إِن الْعُرُوق الضوارب مَتى بترت يَنْبَغِي أَن تشد قَلِيلا مِمَّا يَلِي الْقلب وَمن قريب النَّاحِيَة الْأُخْرَى أَيْضا وَأَنا أرى أَنه يحْتَاج إِلَى ذَلِك لِأَنَّهُ يُمكن أَن يكون يتَّصل من أَسْفَله شريان آخر فَيكون لَهُ اتِّصَال بِالْقَلْبِ فَلذَلِك من الحزم شده من الناحيتين.