للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرطب لِأَن الأخلاط لَا تنْحَل فتطول الْأَمْرَاض إِلَّا أَنَّهَا تكون أقل حِدة لِأَنَّهَا تميل إِلَى البلغمية. فَلذَلِك الحميات فِي الصَّيف العديم الْمَطَر أقل لَكِنَّهَا أحد وَأَقل عرقاً وأسرع انْقِضَاء وَفِي الْمَطَر أَكثر وأطول إِلَّا أَنَّهَا أقل حِدة وَأسلم.

٣ - (أزمان السّنة والحمى)

إِذا كَانَت أزمان السّنة حافظة لطبائعها حَسَنَة النظام كَانَت أمراضها لَازِمَة للنظام والبحران وبالضد.

الخريف أَكثر الْأَزْمِنَة أمراضاً وأمراضه قاتلة فِي الْأَكْثَر. وَالربيع أصح الْأَوْقَات وَأقله موتا.

قَالَ ج: إِذا كَانَت الْأَزْمِنَة بَاقِيَة على مَا يَخُصهَا فِي طبائعها فالربيع أعدلها بِقِيَاس سَائِر الْأَزْمِنَة لِأَنَّهُ فِي غَايَة الِاعْتِدَال إِذا. فَأَما الخريف فقد اجْتمعت فِيهِ خلال ردية لِأَنَّهُ يكون فِي يَوْم وَاحِد حر وَبرد لِأَنَّهُ يَتْلُو الصَّيف فَيلقى الْأَجْسَام وَقد احترقت وَكثر المرار فِيهَا وضعفت مَعَ ذَلِك بِكَثْرَة التَّحَلُّل وحارت قواها ويوافيها الخريف مَعَ ذَلِك فيحصر بِبرْدِهِ الكيموسات الردية أَن تتحلل كَمَا كَانَت تتحلل فِي الصَّيف وَهَذِه كلهَا أَسبَاب الْأَمْرَاض الردية ويعين على ذَلِك أكل النَّاس الْفَوَاكِه.

قَالَ: الخريف ضار لأَصْحَاب قرحَة الرئة وَأَصْحَاب الدق جَمِيعًا جدا مَتى كَانَ الشتَاء قَلِيل الْمَطَر شمالياً وَالربيع مطيراً جنوبياً حدث فِي الصَّيف ضَرُورَة حميات حارة ورمد وَاخْتِلَاف دم. وَأكْثر مَا يعرض اخْتِلَاف الدَّم للنِّسَاء ولأصحاب الطبائع الرّطبَة.

قَالَ: وَقد يَكْتَفِي فِي الْأَمْرَاض العفن بالرطوبة فَإِن ساعدتها مَعَ ذَلِك الْحَرَارَة أفرطت وأسرعت الْأَمْرَاض الْحَادِثَة عَن كَثْرَة الْمَطَر فِي الْأَكْثَر إِلَى حميات طَوِيلَة واستطلاق الْبَطن وعفونات وخاصة إِن ساعدتها حرارة وَبِالْجُمْلَةِ فاحتباس الْمَطَر أصح وَأَقل موتا من كثرته.

وَمَتى كَانَ الشتَاء جنوبياً دفيئاً وَالربيع شمالياً قَلِيل الْمَطَر فَإِن النِّسَاء اللواتي يلدن يتَّفق ولادهن فِي الرّبيع يسقطن من أدنى سَبَب واللواتي يلدن أَطْفَال ضعافاً مسقامين إِمَّا أَن يلدوا سَرِيعا وَإِن بقوا كَانُوا مسقامين عمرهم. وَأما سَائِر النَّاس فَيعرض لَهُم اخْتِلَاف دم ورمد يَابِس ويعرض للكهول نزلات مهلكة.

لى: وَقد تركنَا أَيْضا الْعِلَل الَّتِي أوردهَا جالينوس فِي ذَلِك لأَنا نحتاج أَن نوسع هَهُنَا بإحكام فِيهَا إِذا كُنَّا على أَن نؤلف كتابا فِي الأهوية والبلدان قانونياً على مَا أَشَارَ بِهِ وفننه جالينوس لِأَنَّهُ لم يَقع إِلَيْنَا على هَذَا الْكتاب ولعلنا نؤلفه وَنحن نَفْعل ذَلِك.

قَالَ: فَإِن كَانَ الصَّيف قَلِيل الْمَطَر شمالياً والخريف مطيراً جنوبياً عرض فِي الشتَاء صداع شَدِيد وسعال وبحوحة وزكام وَعرض لبَعض النَّاس السل. وَلم نذْكر أَيْضا مَا ذكر فِي عِلّة هَذَا)

وَسَببه.

<<  <  ج: ص:  >  >>