(فِي حميات الدق والذبول) (والحميات الَّتِي تذيب الْبدن وَجَمِيع أَصْنَاف الذبول) (حميات الدق) لي أَن هَذِه الحميات لَا تبتدئ ابْتِدَاء لِأَنَّهُ لَا تسخن الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة ابْتِدَاء بل لَا بُد من أَن يتقدمها حميات إِمَّا يومية إِذا كَانَ الْبدن مستعداً لَان يسخن مِنْهَا سخونة تكتسب أعضاؤه الْأَصْلِيَّة مِنْهَا سوء مزاج وَهَذِه الْأَبدَان هِيَ المرارية أَو من حميات عفن أَو من حميات الورم فِي بعض الأحشاء فَإِن هَذِه يُمكن أَن تكتسب مِنْهَا الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة حمى دق أَو من تَدْبِير لطيف جدا كَمَا يعرض لمن نصب وتعب بالسهر فِي الْعُلُوم وَكَانَ بدنه مستعداً لذَلِك وَلِصَاحِب السهر وَقلة الْغذَاء وَأخذ الْأَدْوِيَة الحارة وَنَحْوهَا فَإِنَّهُ مُمكن أَن تكتسب الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة من هَذِه الْأَسْبَاب سوء مزاج فَإِن لم تكن حمى حَتَّى تكون إِذا ابتدأت بِهِ الْحمى كَانَت قريبَة من الدق وانتقلت إِلَيْهِ سَرِيعا.
٣ - (الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات)
٣ - (حمى دق تكون من سخونة جرم الْقلب) لي اكْتُبْ جرم الْقلب سوء مزاج حَار وَذَلِكَ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ينتشر مِنْهُ الْحَرَارَة فِي الْبدن.
قَالَ ج: الدق لَا تبتدئ ابْتِدَاء بل يتقدمها حميات غَيرهَا. النبض الصلب بحمى دق أَكثر مِنْهُ فِي غَيرهَا من الحميات.
قَالَ: وتتولد حمى دق على وَجْهَيْن: فِي الْأَكْثَر يكون بعقب حميات عفنة محرقة طَال لبثها حَتَّى أفنت على طول الْمدَّة رُطُوبَة جرم الْقلب أَو بعقب سهر أَو غم وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يجفف تجفيفاً قَوِيا. وَالْأولَى من هَاتين لَيست من حميات الدق فَقَط لَكِنَّهَا مَعَ ذَلِك من جنس الذبول. فَأَما الثَّانِيَة الَّتِي يبْقى مَعهَا من رُطُوبَة جرم الْقلب بَقِيَّة صَالِحَة قَالَ: وَهَذِه الَّتِي تبتدئ ابْتِدَاء من غير أَن تتقدمها حمى أُخْرَى وَيكون ابْتِدَاء حدوثها ابْتِدَاء حمى يَوْم أما بعقب غم أَو سهر أَو)
غضب أَو إعياء شَدِيد أَو حر شَدِيد ألف فَلَيْسَ مِمَّا يعسر علاجها مَا دَامَ لم تصر إِلَى حد الذبول وَمَا صَار إِلَى حد الذبول لقلَّة معرفَة الْأَطِبَّاء فَلَا يُمكن مداواته فضلا عَن أَن يسهل إِذا كَانَ قد صَار إِلَى حد الذبول على الْحَقِيقَة والكمال. وَلَيْسَ هُوَ بعد فِي أوائلها لِأَن الذبول ينَال الْقلب فِيهِ مَا ينَال فَتِيلَة السراج إِذا احترقت احتراقاً شَدِيدا فَإِنَّهَا تتفتت وَيذْهب اتصالها وَلَا يُمكن ردهَا إِلَى حَالهَا بالزيت إِذا صب عَلَيْهَا فَهَذَا حَال الذبول الْعَارِض عَن الحميات. فَأَما الْعَارِض بِسَبَب خمود الْحَرَارَة الغريزية كالعارض للشَّيْخ الفاني من غير حمى وَقد يحدث أَيْضا للصبيان وَغَيرهم فضلا عَن الكهول فَإِنَّهُ من يرد ويبس وَبِغير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute