للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بعض الْأَعْضَاء: إِن سَبَب نوائبها أَن تكون إِذا اجْتمعت الفضول إِلَى ذَلِك الْعُضْو وعفنت مرّة والتهبت الْحمى انحل مَا يرق ويلطف فَصَارَت الْحَرَارَة الزَّائِدَة والحمى فِي الْعُضْو سَببا لِأَن يجذب أَيْضا شَيْئا آخر إِلَيْهِ فَإِذا جذب اشتعل أَيْضا حمى وانحل حَتَّى لَا يبْقى فضل يقدر على اجتذابه.

لي: وَهَذَا الْميل يُمكن أَن ينْتَقل إِلَى الْأَعْضَاء الَّتِي بِلَا ورم لِأَن العضل الملبس على الْبدن إِذا حمى مرّة وانحل مَا انحل مِنْهُ يصير ذَلِك سَببا لجذب مَا فِي الْبدن من الْفضل إِلَيْهَا لتحميها ولخلائها لما استفرغ مِنْهَا فَلَا يزَال ذَلِك حَالهَا حَتَّى لَا يبْقى فِي الْبدن إِلَّا مَا لَا تسخن بِهِ الطبيعة فَعِنْدَ ذَلِك تقلع الْحمى.

قَالَ: وَمَا كَانَ من الحميات تنوب بأدورا فَيَنْبَغِي أَن يكون ذَلِك لِأَنَّهَا تتولد عَن حالات فِي الْأَعْضَاء إِمَّا لِأَنَّهَا تدفع الفضول وَإِمَّا لِأَنَّهَا تجذبها وَكَذَلِكَ كل الْأَمْرَاض الَّتِي تنوب فَأَما الَّتِي تكون بِحَال وَاحِدَة حَتَّى تَنْقَضِي فَلِأَن الأخلاط كلهَا الَّتِي فِي الْعُرُوق الضوارب وَغير الضوارب قد التهبت وسخنت إِمَّا لعفن وَإِمَّا لغير ذَلِك كَمَا يحدث ذَلِك فِي حمى يَوْم فَتحدث حمى وَاحِدَة مطبقة مُتَّصِلَة لَا تزَال بَاقِيَة حَتَّى تنْحَل تِلْكَ الأخلاط أَو تنضج أَو يحدث لَهَا الْأَمْرَانِ جَمِيعًا.

لي: قد بَين ج الْعلَّة فِي النوائب الحميات فَيجب إِن الْتبس عَلَيْك أَن ترجع إِلَى الْكتاب.)

قَالَ: وَأما الأدوار الَّتِي يفْسد نظامها ونوائبها فَإِنَّمَا تكون من انقلاب الأخلاط المولدة للحمى

٣ - (جَوَامِع الحميات)

حمى البلغم تطول مدَّتهَا وتسرع كرتها للزَّوْجَة البلغم وكثرته فِي الْجِسْم وَالْغِب بالضد للطافة الْخَلْط وسخونته وَالرّبع تطول مُدَّة نوبتها فِي نوبتها لغلظ خلطها وينقى الْبدن مِنْهَا لِأَنَّهُ يرق لِأَنَّهُ لزوجة فِيهِ وتطول مُدَّة فترته لقلَّة مِقْدَاره وعسر اجتماعه.

لي: وَيَقُول أَصْحَاب الْكتب وَج: إِن الحميات الَّتِي لَا نافض لَهَا هِيَ الدائمة. يكون ذَلِك لِأَن الْمَادَّة محصورة فِي جَوف الْعُرُوق وَيُمكن من هَهُنَا أَن تعلم سَبَب النوائب مَعَ عِلّة مَا قَالُوهُ لِأَن مَا قَالُوهُ لَيْسَ بعلة بعد وَهُوَ أَنه يجب أَن تكون الأخلاط الَّتِي تصير مَادَّة للحمى فضول الأغذية وَتَكون هَذِه بَارِدَة لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن تكون مرّة الْبَتَّةَ دون أَن تصير دَمًا وَإِذا صَارَت دَمًا لم تكن فضولا لَكِن غذَاء وَإِذا كَانَت هَذِه الفضول الْبَارِدَة لَا يجتذبها العضل الملبس على الْبدن الْبَتَّةَ وَلم تدفعها الطبيعة إِلَيْهِ لَكِن بقيت فِي جَوف الْعُرُوق فَإِن الْعرق لَا يحس ببردها فَإِذا دفعت إِلَى العضل أحس العضل ببردها مُدَّة مَا إِلَى أَن يقبل الاستحالة من الْحر إِلَى الْبرد وَإِنَّمَا تسخن على سَبِيل مَا يسخن غذَاء الْإِنْسَان إِذا سخن فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>