للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَشد مَا تكون الْحمى والأوجاع فِي الْوَقْت الَّذِي يتكوّن فِيهِ الْمدَّة فَأَما إِذا كَانَت وفرغت فَإِنَّهَا تهدأ الْحمى وتخف الوجع وَتصير فِي مَكَانَهُ ثقل فَأَما إِذا انفجر فَإِنَّهُ يهيج نافض وَحمى صعبة لِأَن الْمدَّة تلذع الْأَعْضَاء الَّتِي تنصبّ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا وَقع الْغَلَط من اشْتِرَاك فِي الِاسْم وَهُوَ التقيح لِأَنَّهُ يَقُول فِي وَقت التقيح: التقيح يكون كَيْت كَيْت والتقيح لم يبن إِنَّه يُرِيد بِجمع الْقَيْح أَو انفجاره. لي قد بَان إِنَّه يُرِيد بالتقيح انفجار الْمدَّة لقَوْله بعد هَذَا: إِنَّه كَانَ يحس بثقل فِي جَانب وَاحِد فالتقيح فِيهِ وَبِأَنَّهُ قَالَ بعد هَذَا بِقَلِيل: إِنَّه إِذا تقيح ضَاقَ النَّفس لِأَن الفضاء الَّذِي فِيهِ الرئة تضيق بانصباب الْمدَّة فِيهِ وَقَالَ بعد قَلِيل: إِنَّمَا يسلم من المتقيحين من فارقته الْحمى واشتهى الطَّعَام وَبعد هَذَا بفصول وَبِمَا أَقُول بيّن لمن قَرَأَهُ فِي هَذَا الْموضع من الْكتاب فاقرأه فَإنَّك تعلم أَنه يُسمى التقيح انفجار الْمدَّة لَا اجتماعها قَالَ: التقيح إِن كَانَ بِجَانِب وَاحِد فتعرفه من أَنه يكون أسخن وَمن أَن العليل إِذا نَام على الْجَانِب الصَّحِيح أحسّ بثقل معلّق فِي الْجَانِب المتقيح.

٣ - (عَلَامَات ذَات الْجنب)

إِنَّمَا ينصّب الْقَيْح إِلَى أحد تجويفي الصَّدْر وَأما من علل الرئة فَمن الْجَانِبَيْنِ ويستدل على الْمدَّة فِي أَي جَانب هِيَ بالسخونة والثقل. لي لَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك لِأَن الوجع فِي أول الْأَمر يفرق لَك بَين الْخراج فِي الرئة وَفِي غشاء الصَّدْر بِموضع الوجع وبسائر العلامات.

عَلامَة السلّ قَالَ أبقراط: أعرف المتقيحين بِهَذِهِ الدَّلَائِل أَن يلْزمهُم حمى دقيقة وَيكون بِاللَّيْلِ أصعب ويعرقون عرقاً كثيرا ويستريحون إِلَى السعال وَلَا ينفثون بِهِ شَيْئا يعْتد بِهِ وتغور أَعينهم وتحمر وجنتاهم وتتعقّف أظفارهم وتسخن أَصَابِعهم وخاصة أطرافها وتحدث فِي أبدانهم أورام ثمَّ تستكّن وتحدث وَلَا يشتهون الطَّعَام وتحدث فِي أبدانهم نفّاخات.

قَالَ ج: مَتى انفجرت الْمدَّة إِلَى فضاء الصَّدْر ثمَّ لم تقذف تِلْكَ الْمدَّة بسهولة وبسرعة إِلَى الْأَمر إِلَى السلّ وَهلك العليل وَإِذا ابْتَدَأَ السلّ حدثت حمى لينَة مُتَّصِلَة ألف ألف دائمة مُتَّصِلَة تزيد بِاللَّيْلِ خَاصَّة وَذَلِكَ شَيْء خَاص لجَمِيع من يحم حمى الدقّ. لي لِأَن بِاللَّيْلِ يرطب الْجِسْم كالحال عِنْد الْغذَاء ويشتد عِنْد الْغذَاء مَتى غذوته على الْعَهْد فِي أَوْقَات مُخْتَلفَة وَأما الْعرق فَيعرض لَهُم بِسَبَب ضعف الْقُوَّة لِأَن غذائهم يتَحَلَّل سَرِيعا ويتشوّقون إِلَى السعال من أجل نخس الْمدَّة لَهُ وَلَا يقذف شَيْئا لِأَنَّهُ لَو قذف شَيْئا لَهُ قدر لَا ستنقي من الْقَيْح وَإِنَّمَا لَا يُمكن أَن ينفذ للزَّوْجَة الْمدَّة وغلظها وكثافتها وكثافة الغشاء الْمُحِيط بالرئة وَضعف قُوَّة الْمَرِيض وتغور أَعينهم من أجل أَن ذَلِك عرض لَازم لجَمِيع أَصْحَاب الحميات المزمنة وخاصة الَّتِي يبسها يبس بيّن وَأما احمرار الْوَجْه فالسبب فِيهِ حرارة الرئة والسعال لِأَنَّهُ يرْتَفع إِلَى الْبدن من الرئة بخارات.

<<  <  ج: ص:  >  >>