للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

القروح الَّتِي فِي أبدان أَصْحَاب الاسْتِسْقَاء يعسر برؤها لِأَن القروح لَا تدمل حَتَّى تَجف جفوفاً بليغاً وَلَا يسهل ذَلِك فِي المستسقين لِكَثْرَة الرُّطُوبَة فيهم. لي يَعْنِي أَن يطلي حوالي قُرُوح هَؤُلَاءِ بالطين وَنَحْوه مِمَّا يجفف بِقُوَّة وَيعلم أَن القروح فِي الْأَبدَان الرّطبَة المزاج أَبْطَأَ اندمالاً بالتجربة وانتهاؤها فِي الْأَبدَان الْيَابِسَة باعتدال.

قَالَ أبقراط: إِذا حدث فِي المثانة خرق أَو فِي الدِّمَاغ أَو الْقلب أَو الكلى أَو بعض الأمعاء الدقاق قَالَ جالينوس: قد يُمكن أَن يسلم بعض هَؤُلَاءِ فِي الندرة وَمِمَّا قد اتّفق عَلَيْهِ أَن الْجراحَة إِذا وصلت إِلَى الْقلب فالموت نَازل بصاحبها لَا محَالة فَأَما غَيره من الْأَعْضَاء فَلَيْسَ يجب ضَرُورَة أَنه مَتى نالته جِرَاحَة تبعها الْمَوْت لَا محَالة لَكِن مَتى كَانَت غائرة عَظِيمَة وَخلق أَن يكون عَنى أبقراط بقوله خرق الْعَظِيمَة الغائرة حَتَّى تكون تدْرك بدن ألف د المثانة كُله حَتَّى يصل الْقطع إِلَى الفضاء فِي جوفها وَكَذَلِكَ لم يُمكن أَن تلتحم وتتصل وَكَذَلِكَ الْحَال فِي الْموضع العصبي من الْحجاب والأمعاء الدقاق.

فَأَما الْمعدة فقد اخْتلف فِيهَا فَقَالَ قوم أَنه مَتى حدث بهَا مثل هَذَا الْخرق قد سلم مِنْهُ فِي الندرة.

فَأَما الكبد فقد قَالُوا فِيهَا إِن الْجِرَاحَات الغائرة قد تحدث فِيهَا فِي مَوضِع زوائدها فتبرأ وَقد تسْقط بعض زوائدها الْبَتَّةَ فتبرأ والجراحة لَا تتصل فِي الْقلب لدوام حركته وَكَذَلِكَ فِي الْحجاب وَفِي المثانة لِأَنَّهَا عصبية عديمة الدَّم وَلذَلِك ترى رقبَتهَا تبدأ كثيرا من الْقطع الَّذِي يَقع فِيهَا لاستخراج الْحَصَاة من قبل أَن فِيهَا لحمية. فَأَما الكبد فَيحدث من الْجراحَة الْوَاقِعَة بهَا انفجار الدَّم فَلذَلِك يَمُوت صَاحبهَا قبل أَن يلتحم جراحته وَإِنَّمَا يكون ذَلِك إِذا كَانَ قد وصل)

إِلَى عرق عَظِيم فَانْقَطع وَلذَلِك يظنّ النَّاس أَنهم قد يبرؤون من جراحات الكبد مَا لم تكن وَأما الْجراحَة الَّتِي تقع بالدماغ فقد رَأَيْت مرَارًا كَثِيرَة برءها وَقد رَأَيْت جِرَاحَة غائرة عَظِيمَة فِيهِ برأت إِلَّا أَن هَذَا يكون الندرة. فَأَما مَا يبلغ إِلَى أَن يُسمى خرقاً لعظمه وغوره فَإِنَّهُ يجلب فِيهِ الْمَوْت ضَرُورَة فقد اتّفق النَّاس على أَن الْجِرَاحَات الَّتِي تبلغ إِلَى بعض بطُون الدِّمَاغ مميتة لَا محَالة.

وَأما الأمعاء الدقاق وَأكْثر مِنْهَا الْمعدة فَإِن طبيعتها فِيهِ لحمية كَثِيرَة فَلذَلِك إِن حدثت فِيهَا جراحات وَلم تكن خارقة غائرة فكثيراً مَا تلتحم. فَأَما إِذا خرق ألف د إِلَى جوفها فَلَا يكَاد يلتحم إِلَّا فِي الندرة.

قَالَ أبقراط: مَتى انْقَطع عظم أَو غضروف أَو عصبَة أَو الْموضع الرَّقِيق من اللحى أَو القلفة لم ينْبت وَلَا يلتحم.

<<  <  ج: ص:  >  >>