للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لي على مَا رَأَيْت فِي كتاب المزاج: الْأَبدَان الْيَابِسَة التحام قروحها أعْسر وَأَبْطَأ لِأَن التحام الْأَشْيَاء الرّطبَة أسهل وَيعرف ذَلِك من أَن الشريان ليبسه لَا يسهل التحامه. وَإِذا شقّ للصبيان حنين قَالَ فِي كتاب الْعين كتبناه لاجتماعه واختصاره ولي فِيهِ إصْلَاح: كل قرحَة إِمَّا أَن تكون بسيطة وَإِمَّا مركبة فَإِن كَانَت بسيطة أَعنِي أَن تكون شقاً فَقَط فَإِنَّهَا إِن كَانَت صَغِيرَة تحْتَاج إِلَى ثَلَاثَة أَشْيَاء: ضم الشفتين وحفظها على الانضمام بالربط أَو الْخياطَة وَالْحِفْظ لِأَن لَا يَقع بَين الشفتين شَيْء كالدهن وَالْغُبَار وَإِن كَانَت عَظِيمَة لم يقدر على جمع الشفتين لِأَنَّهُ يبْقى فِي عمق الْجرْح فارغة وتجتمع فِيهَا رُطُوبَة لضعف الْعُضْو والوجع فَيحْتَاج حِينَئِذٍ الْجرْح إِلَى دَوَاء مجفف)

يفني الرُّطُوبَة ويملأ القرحة لَحْمًا.

فَإِن كَانَت القرحة مركبة أَعنِي أَن يكون مَعهَا وجع أَو ورم أَو سوء مزاج أَو شَيْء يسيل إِلَيْهَا فأقصد لذَلِك فَإِن كَانَ يسيل شَيْء فأفرغ الْبدن وَأصْلح الْغذَاء وقلله وزد فِي تجفيف القرحة بِالَّتِي تجفف بِقُوَّة وَإِن كَانَ مَعهَا وجع فاقصد لتسكين الوجع وتجفيف مَا يَجِيء من الرُّطُوبَة من أجل الوجع. ألف د وَإِن كَانَ مَعهَا ورم فاقصد لحل ذَلِك الورم وَإِن كَانَ مَعهَا سوء مزاج فليدفع ذَلِك السوء المزاج عَن الْبدن بأسره وَعَن الْعُضْو ثمَّ عَن مَوضِع الْقُوَّة بِمَا يبطل قوتها بِمَا يمْنَع مَجِيء تِلْكَ الرطوبات أَو ذَلِك الدَّم الرَّدِيء إِلَيْهِ فَإِن هَذِه أَعْرَاض تحْتَاج إِلَى أَن تتقدم قبل أَن تَأْخُذ فِي إلحام القرحة فَإِن كَانَ بعد هَذَا لم يذهب من جَوْهَر الْعُضْو شَيْء فاقصد الْقَصْد الأول وَهُوَ إلحام فَقَط وَإِن كَانَ قد ذهب شَيْء من جوهره فاقصد لإخلافه بإنبات اللَّحْم وإنبات اللَّحْم يكون بالأدوية الَّتِي تجفف وتجلو أما التجفيف فلنفي الرُّطُوبَة الَّتِي تَجْتَمِع فِي القرحة الَّتِي تمنع الطبيعة من إنبات اللَّحْم وَأما الْجلاء فلتنقي القرحة من الْوَسخ وَذَلِكَ لِأَن فضلتين دائمتي الاستفراغ من مسام الْجلد لَطِيفَة وَهِي الْعُرُوق وغليظة وَهِي الْوَسخ لِأَنَّهُ لَا يُمكنهُ أَن يغتذي بِمَا يَجِيئهُ فَيحْتَاج فِي ذَلِك إِلَى دَوَاء يَابِس جلاء ليفني بيبسه الرُّطُوبَة ويجلي بِهِ الْوَسخ.

وَإِذا نظرت فِي الْأَعْرَاض الَّتِي ذكرت فَإِن كَانَت القرحة إِنَّمَا ذهب مِنْهَا الْجلد فَقَط فَاسْتعْمل الْأَدْوِيَة المدملة وَهِي الَّتِي تغير سطح اللَّحْم فتصلبه حَتَّى تكون كالجلدة وَهَذَا يَفْعَله إِمَّا الْأَدْوِيَة القابضة فبجوهرها وَإِمَّا بِالْعرضِ فكالأدوية الحارة فَإِن قليلها يدمل وكثيرها ينقص اللَّحْم. وَإِن كَانَ الَّذِي ذهب لَحْمًا فَقَط فَيحْتَاج إِلَى مَا ينْبت اللَّحْم ثمَّ يلزق اللَّحْم بِالْجلدِ وَإِن كَانَ مَا ذهب لَحْمًا وجلداً فَيحْتَاج إِلَى مَا ينْبت اللَّحْم ثمَّ مَا يدمل. وكل دَوَاء تعالج بِهِ قرحَة فَهُوَ لَا محَالة يَابِس إِلَّا أَنه إِن كَانَ مِمَّا يَبْنِي اللَّحْم فَهُوَ أقلهَا تجفيفاً لِأَن الإفراط فِي التجفيف يمْنَع الطبيعة من إنبات اللَّحْم فَيَنْبَغِي أَن يكون يبسه قَرِيبا من الأول ليجفف الفضلة وَلَا يجفف اللَّحْم وَيَنْبَغِي أَن يكون جلاء ليجلو ألف د مَا بَقِي فِي القرحة من الْوَسخ وَأما الدَّوَاء الَّذِي يلصق الْجلد بِاللَّحْمِ فَيَنْبَغِي أَن يكون أَشد تجفيفاً وَلَا يَنْبَغِي أَن يكون جلاء وَأما المدمل فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون أجفها ليصلب اللَّحْم فَيَجْعَلهُ جلدَة فَهَذِهِ جملَة علاج القروح الَّتِي لَا رداءة مَعهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>