وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ الْغَوْر عَظِيما أَو فِي مَوضِع سَعَة مخاطرة فالأجود أَن تفتح من أَسْفَله بِالْعَكْسِ وَاجعَل الرِّبَاط يَبْتَدِئ من أَعلَى القرحة وَيَنْتَهِي إِلَى أَسْفَلهَا.
القرحة الَّتِي تكون ذَاهِبَة فِي عرض العضلة فشفتها أبدا أَشد تباعداً وَمن أجل ذَلِك تحْتَاج إِلَى أَن تجمع شفتيها باستقصاء أَشد وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تخاط أَمْثَال هَذِه وترفد بعد الْخياطَة فَأَما الذاهبة فِي طول العضلة فَإِن ربطتها برباط يَبْتَدِئ من رَأْسَيْنِ لم تحتج مَعَه إِلَى خياطَة وَلَا إِلَى رفائد. وَمَا كَانَ من القروح عَظِيما فعالجه بأدوية أَشد تجفيفاً وَبِالْعَكْسِ وَمَا كَانَ من القروح كثير الْغَوْر فَهُوَ يحْتَاج ألف د إِلَى رِبَاط يَبْتَدِئ من رَأْسَيْنِ وَأَن تضم شَفَتَيْه ضماً محكماً جدا. وَمَا كَانَ مِنْهَا طَويلا غائراً فَهُوَ يحْتَاج إِلَى أدوية قَوِيَّة التجفيف من أجل الْغَوْر والعظم وَإِلَى ربط وَضم الشفتين شَدِيدا من أجل الْغَوْر والطول والعظم وَإِلَى رِبَاط يَبْتَدِئ م رَأْسَيْنِ وَإِلَى خياطَة عميقة وعَلى هَذَا الْمثل فَخذ الِاسْتِدْلَال على العلاج إِذا صادفت قروحاً مركبة الْأَصْنَاف من علاج أصنافها المفردة فَإِن كَانَت استدلالات غير متضادة فاستعملها أجمع وَإِن كَانَت متضادة فأجد الشد وَالنَّظَر.
كل قرحَة غائرة كَانَت أَو غير غائرة فتحتاج أَن يكون اللَّحْم الَّذِي فِيهَا بَاقِيا على طباعه وَألا يسْقط فِيمَا بَين شفتي القرحة شعر أَو غُبَار أَو دهن أَو وضر أَو شَيْء آخر مِمَّا يمْنَع التحام القرحة وَمحل بَقَاء اللَّحْم على حَاله مَحل السَّبَب الْفَاعِل وعَلى هَذِه مَحل الْعَارِض الْمَانِع من الْفِعْل فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تَعْنِي بِحِفْظ مزاج اللَّحْم وَأَن يكون الدَّم الَّذِي يَأْتِي القرحة طبيعياً وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ هَذَا الدَّم خَارِجا عَن الطَّبْع فَإِنَّهُ قد يكون كم مرّة سَببا لتأكل الْعُضْو وفساده فضلا أَن يكون مَادَّة لإنبات اللَّحْم وَيَنْبَغِي أَن يكون مَعَ اعْتِدَال مزاجه معتدلاً فِي كمية لِأَنَّهُ إِن كثر أَكثر الصديد فِي القرحة فلهذه الْأَسْبَاب الثَّلَاثَة يعسر برْء القروح أَحدهَا فَسَاد اللَّحْم الَّذِي هيئ بِخُرُوجِهِ عَن الطَّبْع وَالثَّانِي: رداءة الدَّم الَّذِي يحمه وَالثَّالِث: من قبل مِقْدَار ذَلِك الدَّم وَخُرُوج)
اللَّحْم عَن الطبيعة وَرُبمَا كَانَ مَعَ حس مَا حدث وَرُبمَا كَانَ فِي كيفيته فَقَط فَهَذِهِ الْأَسْبَاب المفردة الَّتِي يعسر برْء القروح من أجلهَا.
وَقد تتركب أَيْضا فَنَقُول: إِن رداءة مزاج اللَّحْم يداوى إِن ألف د كَانَ يَابسا قحلاً بِالْمَاءِ المعتدل الْحَرَارَة يصب عَلَيْهِ إِلَى أَن يجْرِي الْعُضْو قد أَحْمَر وانتفخ وَيقطع عَنهُ سَاعَة قد بَدَأَ اللَّحْم ينتفخ وَذَلِكَ أَنه إِن جَاوز هَذَا جليل مَا قد جذبه الْعُضْو إِلَيْهِ من الرُّطُوبَة فنضع مَا قد حصل فِيهِ ونجعل الْأَدْوِيَة الَّتِي تعالج بهَا أقل تجفيفاً فَإِن كَانَ اللَّحْم الرطب مِنْهُ فِي الْحَال الطبيعية وَبِالْعَكْسِ فلك أَن تزيد فِي تجفيف الْأَدْوِيَة وَإِن احتجت إِلَى غسل القرحة فاغسلها بشراب أَو بخل ممزوج واجتنب المَاء القراح أَو بِمَاء قد طبخ فِيهِ الحشائش القابضة. وعَلى هَذَا الْمِثَال مَتى أفرط على اللَّحْم الْحر فبرده وَبِالْعَكْسِ فَيعرف ذَلِك من اللَّحْم وَمن اللَّمْس وَمن حس الْمَرِيض وَذَلِكَ أَن الْمَرِيض يجد مرّة التهاباً فِيهِ وَمرَّة برودة ويستريح إِلَى الْبُرُودَة مرّة وَإِلَى الْحَرَارَة أُخْرَى ويجد القروح تعلق بَعْضهَا حمرَة خَفِيفَة رقيقَة وَبَعضهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute