(الآكلة فِي بعض الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة) فَإِن كَانَ انبعاث الدَّم إِنَّمَا حدث بِسَبَب آكِلَة وَقعت فِي الْعُضْو فَإِنَّهُ فِي أَكثر الْأَمر لَا يكَاد يكون انبعاث الدَّم قَوِيا لكنه يكون يَسِيرا قَلِيلا قَلِيلا وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تسْتَعْمل فِي هَذَا الْموضع أَقْرَاص أندرون وأقراص بولوانداس الَّتِي ألفتها أَنا فَإِنَّهَا أقوى من هَذِه وَذَلِكَ إِن هَذِه الأقراص تقطع الآكلة وتوقفها. وَيَنْبَغِي أَن يكون ذَلِك مَعَ الْعِنَايَة بِأَمْر جَمِيع الْبدن فَإِن كَانَ انبعاث الدَّم قَوِيا فَيَنْبَغِي لَك أَن تسْتَعْمل الْأَدْوِيَة القابضة جدا حَتَّى تقطع قُوَّة ذَلِك الانبعاث ثمَّ تخلط مَعَ هَذِه الأقراص وَحدهَا مَعَ وَاحِدَة من العصارات أَو وَاحِدَة من الْمِيَاه المطبوخة ألف د الَّتِي وصفتها لَك.
قَالَ: فَأَما الْأَشْيَاء الَّتِي يداوى بهَا انبعاث الدَّم بِأَن يوضع على الْعُضْو الَّذِي مِنْهُ ينبعث من خَارج مِمَّا يقبض أَو يبرد من غير تقبض فلست أحمدها حمداً مُطلقًا لكني أَقُول: إِنَّهَا كثيرا مَا تفعل خلاف مَا تحْتَاج إِلَيْهِ أَعنِي أَنَّهَا تدفع الدَّم إِلَى بَاطِن الْبدن وتملأ بِهِ الْعُرُوق الْبَاطِنَة وَأعرف مِمَّن كَانُوا ينفثون الدَّم من رئاتهم أضرّ بهم تبريد صُدُورهمْ ضَرَرا بَينا وَكَذَلِكَ قوم كَانُوا ينفثون الدَّم لما بردت معدهم من خَارج أضرّ ذَلِك بهم وعَلى هَذَا الْمِثَال فِي الرعاف. وعَلى هَذَا الْمِثَال كثير مِمَّن أَصَابَهُم الرعاف أضرّ بهم تبريد الرَّأْس إِضْرَارًا بَينا وَلذَلِك لَا يَنْبَغِي أَن تبرد مَا حول الْأَعْضَاء إِلَّا بعد أَن تكون قد رددت الدَّم عَن الْعُضْو أَولا إِلَى أَعْضَاء أخر.
مِثَال ذَلِك: أَنه إِن كَانَ الدَّم ينبعث من الْأنف فصدت لصَاحب ذَلِك الْعرق على مَا وصفت واستعملت الدَّلْك وغمز الرجلَيْن وَالْيَدَيْنِ ونطلهما وعلقت على جنبه المحاجم فَإِذا فعلت ذَلِك أَيْضا فَلَا تبادر إِلَى وضع شَيْء بَارِد من ساعتك على الرَّأْس والجبهة بعد أَن تجتذب الدَّم أَيْضا بِضَرْب آخر إِلَى نَاحيَة الْخلاف بِأَن تضع على فأس الرَّأْس محجمة فَإِن للرعاف ناحيتين من جِهَة الْخلاف أَحدهمَا إِلَى نَاحيَة الْقَفَا وَالْآخر بالفصد إِلَى أَسْفَل وَذَلِكَ لِأَن الْأنف فَوق من قُدَّام وَخلاف قُدَّام خلف وَخلاف الْعُلُوّ السّفل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute