للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَكَانَ مَعَ تِلْكَ الْحمى تمدد فِي العصب أَو نكاية شَدِيدَة من حر شمس أَو تَعب أَو إقلال غذَاء أَو سهر مفرط أَو استفراغ. وَأما فِي حمى عفن فَإِذا حدث مَعهَا ورم اَوْ جسأة فِي بعض الْأَعْضَاء أَو تمدد أَو يبس فِي عصب أَو شرب مَاء بَارِد أَو أكل فِي غير وقته أَو أكل بعض الْفَوَاكِه المبردة بالثلج فَأَما من نفس طبيعة الْحمى فَلَا يكون النبض صلباً لِأَنَّهُ أَن حدث حمى من ورم وَكَانَ النبض صلباً فَلَيْسَتْ الصلابة من أجل الْحمى لَكِن من أجل تمدد الْعُرُوق وامتلائها.

وَبِالْجُمْلَةِ أَقُول: أَن الصلابة أَنما تحدث فِي الْعُرُوق أما مِمَّا يحدث عَنهُ تمدد أَو مِمَّا يحدث عَنهُ يبس من جمود والتمدد يحدث من تورم وجسأة وَنَحْوهَا والجمود يحدث من برد قوي واليبس)

يحدث من استفراغ وجوع.

الحميات المحرقة إِذا طَالَتْ حَتَّى تجفف الْأَعْضَاء الجامدة تجفيفاً مفرطاً مَالَتْ إِلَى الدق.

لي مِمَّا تبين فِي كَلَام جالينوس إِن حميات يَوْم لَا يكون فِي ابتدائها تضاغط وَمَعْنَاهُ أَنه لَا يكون مَعَ النّوبَة أقشعرار وَلَا برد فِي الْأَطْرَاف وَلَا حَال شَبيه بالميل إِلَى النّوم والكسل وَلَا اخْتِلَاف فِي النبض وَلَا ضعف وَلَا شَيْء من أشباه هَذِه الْأَعْرَاض لَكِن يكون النبض سَرِيعا عَظِيما بِسُرْعَة.

فِي الْحمى الَّتِي تعرض من حرارة الشَّمْس قَالَ: يُوجد جلده على حَال من السخونة واليبس أَكثر من الْحَال الَّتِي كَانَت وَيُوجد النبض قد مَال فِيهَا إِلَى نبض الْحمى وَهَذَا أَيْضا أقل عطشاً ينظر فِي هَذَا نعما لِأَن الْحَرَارَة فِيهَا إِنَّمَا هِيَ فِي الظَّاهِر أَكثر وَلم يقل أَنه لَا يعطش بل قَالَ أقل عطشاً مِمَّن حرارته مُسَاوِيَة لحرارته وَهَكَذَا يجب لِأَنَّهُ قَالَ: إِذا ساوت حرارته حرارة هَذَا فالحرارة فِي بَاطِنه أَكثر كثيرا فَيكون أَشد عطشاً من غَيره مِمَّن حرارته كحرارته وَحين تضع كفك على بدنه تَجِد حرارته فِي غَايَة مُنْتَهَاهَا وَرَأسه كَأَنَّهُ يَحْتَرِق احتراقاً وتتوق نَفسه إِلَى صب المَاء الْبَارِد عَلَيْهِ وَينْتَفع من ذَلِك بِهِ وَعَيْنَيْهِ أسخن وَأَشد حمرَة مَعَ يبس إِذا لم تكن هَذِه الْحمى مَعَ زكام وَلَا نزلة فَأَنَّهُ قد يعرض ذَلِك لبَعض من يبلغ مِنْهُ حر الشَّمْس وَمن كَانَت تِلْكَ حَاله فَأن رَأسه مَعَ حرارته يكون ممتلئاً من الدَّم حَتَّى تكون عروقه كَأَنَّهَا ممتدة الَّتِي فِي الْعين وَالَّتِي فِي الصدغ والجبهة وَالْوَجْه كُله.

لي إِنَّمَا يعرض هَهُنَا هَذِه الْعُرُوق لِأَنَّهُ لَا يدْخل من كَانَ بِهِ نزلة من برد إِلَى الْحمام إِن لم تنضج نزلته.

فِي الكائنة من برد قَالَ: وَمن أعظم الدَّلَائِل الَّتِي تفرق بَين صَاحب هَذِه الْحَال وَبَين من يعرض لَهُ حمى يَوْم من الْبرد أَن الَّذِي يبلغ إِلَيْهِ البردفي رَأسه يهيج بِهِ الزُّكَام والنزلة وَرُبمَا حم من الْبرد الَّذِي فِي رَأسه فَقَط. فَأَما فِي الْأَكْثَر فَإِنَّمَا يحم إِذا كَانَ الْبدن كُله قد بلغ إِلَيْهِ الْبرد ويجد جلدَة بدنه أقل سخونة وَأَشد امتلاء وانتفاخاً وَلَا ترى فِي وَجهه شَيْئا من يبس وقحل كَالَّذي يعرض فِي وَجه من أَصَابَته حمى من حر الشَّمْس من غير أَن يكون عرض لَهُ فِي رَأسه امتلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>