للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فالحميات المطبقة مِنْهَا نوع يتَوَلَّد عَن سدد مَعَ عفونة تكون فِي الْعُرُوق كلهَا فَمَتَى مَا ظَهرت فِي هَذِه عَلَامَات تدل على نضج الأخلاط فَاسق المَاء الْبَارِد بِثِقَة واتكال فَإِن طبيعة الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة إِذا تقوت بِالْمَاءِ الْبَارِد قويت على نضج الأخلاط واجتذبت بَعْضهَا واغتذت بِهِ وَدفعت الْبَاقِي وأخرجته عَن الْبدن بالعرق أَو بإسهال أَو ببول أَو نَحْو ذَلِك وَإِن كَانَ الْمَرِيض مُعْتَادا لشرب المَاء الْبَارِد فَذَلِك يزِيد فِي ثقتك لِأَنَّك قد علمت بالتجارب أَن أحشاؤه كلهَا مُحْتَملَة للْمَاء الْبَارِد لِأَنَّهُ لَو كَانَ فِيهَا مَا ينكأه المَاء الْبَارِد لَكَانَ ذَلِك فِي حَال الصِّحَّة فَإِذا كَانَ فِي وَقت الصِّحَّة لم يضرّهُ فَفِي وَقت الْحمى لَا يضرّهُ. إِذا كَانَ كثير مِمَّن لم يعْتد شرب المَاء الْبَارِد ثمَّ اضْطر الْأَمر بِسَبَب حمى محرقة إِلَى شربه فشربه لم يضرّهُ ذَلِك فكم بالحرى لَا يضر من اعتاده لَا سِيمَا وَإِنَّمَا يشربه فِي وَقت هيجان حرارة كَثِيرَة تحول بَينه وَبَين الْأَعْضَاء عَن الضَّرَر لِأَن مَا فِي دَاخل الْأَعْضَاء وحولها قد التهب كُله فَيعْمل فِي المَاء الْبَارِد قبل لِقَائِه الْأَعْضَاء بل يلقاها وَهُوَ بَاقٍ على حَاله وَلذَلِك صَار المَاء الْبَارِد رديئاً للأبدان القليلة الدَّم وَاللَّحم لِأَن برودته تصل إِلَى الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة سَرِيعا وَلِهَذَا صَاحب حمى دق لَا يصلح لَهُ المَاء الْبَارِد الْبَالِغ الْبرد)

وَلَا بِمِقْدَار كثير وَأما صَاحب الْحمى المطبقة فأعظم علاجه الفصد وَالْمَاء الْبَارِد إِلَّا أَن الفصد ينفع فِي كل وَقت بعد مساعدة الْقُوَّة وَالْمَاء الْبَارِد لَا يصلح فِي كل وَقت لَكِن عِنْدَمَا يظْهر فِي النبض وَالْبَوْل عَلَامَات النضج بَيِّنَة قَوِيَّة وَتَكون الْحمى أعظم مِمَّا كَانَت قبل ذَلِك فَانْظُر قبل الفصد فِي الْأَشْيَاء الَّتِي مَضَت والأشياء الَّتِي لَا بُد ضَرُورَة أَن تتبع من ذَلِك أَنه إِن كَانَت تخمة قد تقدّمت فَلَا بُد أَن تُؤخر الفصد إِلَى أَن يستمرئ طَعَامه وَتخرج فضلته عَن الْبدن وَإِن كَانَ قد حدث شَيْء يستفرغ من الْبدن فَانْظُر فَإِن رَأَيْته كَافِيا تركت الفصد وَإِن كَانَ نَاقِصا أخرجت بِقدر مَا ينقص كَمَا يكون ذَلِك بالطمث والبواسير وتفقد الْهَوَاء وَسُرْعَة تحلل ذَلِك الْبدن وَغير ذَلِك فَإِن الْهَوَاء الْحَار وَالْبدن المتحلل يعين على كَثْرَة الاستفراغ من الْبدن وَهَذِه كلهَا تدل على أَنه لَا يَنْبَغِي أَن يكثر خُرُوج الدَّم وَكَذَا من فَم معدته سريعة الْحس أَو ضيقَة أَو ضَعِيفَة أَو يتَوَلَّد فِيهَا مرار كثير فِي فمها.

قَالَ: وأضداد هَذِه توجب إِخْرَاج الدَّم الْكثير. فَهَذَا تَمام مَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِي إِخْرَاج الدَّم وَسقي المَاء الْبَارِد.

لى: أَنا أرى أَن الحزم أَلا يخرج الدَّم الْكثير ضَرْبَة أَن يعرض الغشي لَكِن يخرج فِي الأولى بتوسط وَفِي الثَّانِيَة إِن رَأَيْت أَنه يحْتَاج إِلَى زِيَادَة وَلم تَرَ الْحمى انحطت وَلَا حدث برد الْبدن والعرق بعده وانطلاق الْبَطن أخرجت أَيْضا فَإِنَّهُ لَا يضر وَهُوَ أسلم وَالْوُقُوف على مِقْدَار مَا يحْتَاج إِلَيْهِ دفْعَة أَمر عسر.

قَالَ ج: الحميات الكائنة عَن السدد لِأَن الْقُوَّة فِيهَا على الْأَكْثَر قَوِيَّة والاستفراغ الْكثير فِيهَا مَأْمُون الْعَاقِبَة بعيدَة عَن الْخطر فَأَما حَيْثُ تكون الأخلاط قد فَسدتْ وامتنعت العفونة فَإِن استفراغ

<<  <  ج: ص:  >  >>