للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْفرق بَين من يضع هَذِه الْأَشْيَاء فِي موضعهَا وَفِي حَدهَا وَبَين غَيره كثير جدا.

قَالَ أبقراط: كشك الشّعير بِالصَّوَابِ اختره على جَمِيع الأغذية فِي الْأَمْرَاض الحادة وَأَنا أَحْمد من اخْتَارَهُ لِأَن فِيهِ لزوجة مَعهَا ملامسة واتصالاً وليناُ وزلقاً ورطوبة معتدلة وتسكيناً للعطش وَسُرْعَة انغسال وَلَيْسَ فِيهِ قبض وَلَا تهييج رَدِيء وَلَا ينْفخ الْبَطن لِأَنَّهُ قد انتفخ وَربا فِي الطَّبْخ غَايَة مَا يُمكن فِيهِ.

قَالَ ج: هِيَ الحميات الَّتِي هِيَ أَكثر الْأَمر دائمة وَتَكون حَرَارَتهَا نارية عَن عفن الأخلاط: وكشك الشّعير قد اجْتمع فِيهِ سَائِر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي هَذِه الْعلَّة لِأَنَّهُ يبرد ويرطب وَهَذَا هُوَ مُقَابلَة الْحمى بضدها وَهُوَ سريع الانحدار وَالدَّم الْمُتَوَلد مِنْهُ بَارِد رطب فَلذَلِك يُطْفِئ حِدة الْحمى ويستفرغ الفضول وَإِن كَانَت الكبد ضيقَة المجاري لم يسدها لَكِن نقاها ويغذى ويلين الصَّدْر وَلَا يلتزق بالمرئ كالأشياء اللزجة ويجلو البلغم من الْمعدة وَلَا يغثى وَلَا يُرْخِي الْمعدة وَفِيه مَعَ مَا فِيهِ من فَضَائِل الْأَشْيَاء المرطبة أَنه برِئ من الْآفَات الَّتِي تكون فِيهَا وَلِأَنَّهُ يسكن الْعَطش ويعظم نَفعه فِي الْأَمْرَاض المحرقة المجففة للبدن فَهُوَ فِي هَذَا الْموضع أَنْفَع من مَاء الْعَسَل وَإِن احْتَاجَ العليل إِلَى انطلاق الْبَطن فَإِنَّهُ يسهل بِهِ خُرُوجه وغسله عَن الأمعاء وَلَا يحدث فِي الْبَطن لذعاً وَلَا نفخة وَلَا يشد الْبَطن وَلَا الْبَوْل بل يدره وَيفتح مجاري الْعُرُوق وَلَا يُطلق الْبَطن بلذع مهيج رَدِيء لِأَنَّهُ لَو فعل ذَلِك لَكَانَ حاداً بل يفعل ذَلِك باعتدال وجلاء حسن متوسط وَمَتى أجيد طبخه لم)

ينْفخ الْبَتَّةَ.

قَالَ: الْأَطْعِمَة القابضة تضيق مجاري الْغذَاء والفضول وتمنع التَّحَلُّل الْخَفي وَلَيْسَ تحْتَاج فِي الْأَمْرَاض الحادة إِلَى ذَلِك بل إِلَى الضِّدّ أَعنِي أَن تكون مجاري الفضول والتحلل الْخَفي مَفْتُوحَة.

قَالَ: من أَصْحَاب الْأَمْرَاض الحادة من يحْتَاج أَن يسهل أَو يفصد أَو يسكن عَنهُ وجع بِهِ فَلَا تعطه من كشك الشّعير دون أَن تفعل بِهِ ذَلِك. وَمن بِهِ مرض حاد لَا يحْتَاج إِلَى فصد وَلَا إسهال وَلَا بِهِ عرض آخر يخَاف مِنْهُ الْأَلَم فأعطه كشك الشّعير وَأما من كَانَ يخَاف عَلَيْهِ أَنه يحْتَاج إِلَى إسهال أَو يهيج بِهِ شَيْء يؤلمه فأعطه كشك الشّعير لِأَنَّهُ سريع الانغسال وَمن لم يحْتَج إِلَى دَوَاء أَو حقنة أَو نَحْو ذَلِك فَإِن احْتَاجَ إِلَى كشك الشّعير مرَّتَيْنِ لحفظ قوته فِي الْيَوْم فأعطه فَأَنت مُصِيب فِي ذَلِك ولتكن كميته بِحَسب كمية الْبدن وَمن كَانَ مُعْتَادا أَن يَأْكُل فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ فلست بمخطئ أَن تعطيه فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ. وَمن كَانَت عَادَته أَن يَأْكُل فِي الْيَوْم مرّة ثمَّ رَأَيْته يحْتَاج أَن يَأْخُذ مرّة أُخْرَى من مَاء الشّعير فدرجه إِلَيْهِ على هَذَا الْمِثَال: أعْطه مِنْهُ بالْعَشي قَلِيلا وزد فِيهِ قليلاُ قَلِيلا حَتَّى يُسَاوِي مَا تعطيه بِالْغَدَاةِ. وَإِنَّمَا يدبر بِهَذَا التَّدْبِير من كَانَ مَرضه هادئاً سَاكِنا.

لى: قد ذكرنَا كَيفَ يسقى أَصْحَاب الشوصة مَاء الشّعير فِي بَابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>