للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكن هُنَاكَ ورم حَار لَكِن مرار صرف يغلي فِي جَمِيع الْبدن وَكَانَت عَلامَة النضج قد ظَهرت فَإِن الِانْتِفَاع حِينَئِذٍ بالاستحمام يكون أَكثر كثيرا وَأما المحرقة الكائنة عَن بلغم عفن فالحمام مضاد لَهُ جدا لِأَن الْخَلْط البلغمي لَا ينْحل بالحمام كَمَا ينْحل المرار لغلظه ولزوجته وَيحْتَاج أَن ينضج فِي مُدَّة طَوِيلَة.

لى: هَذَا يُزَاد فِي البلغمية وَإِنَّمَا يَعْنِي بالمحرقة الَّتِي عَن البلغم المالح أَن من حميات البلغم حاراً جدا وَهُوَ الْكَائِن من بلغم مالح.

الأولى من الْفُصُول: الْمَشَايِخ لَا يكادون يحْمُونَ بحمى محرقة فَإِن حموا هَلَكُوا لِأَن ذَلِك فيهم لَا يكون إِلَّا من غَلَبَة الْعلَّة غَلَبَة قَوِيَّة جدا.

الرَّابِعَة من الْفُصُول: الحميات الحارة الردية تكون إِمَّا عِنْدَمَا تعفن الأخلاط فِي الْعُرُوق أَو تعفن فِي جَمِيع الْبدن.

قَالَ: الحميات الَّتِي تنوب غبا وينقي الْبدن مِنْهَا لَا خطر فِيهَا الْبَتَّةَ وَلَو كَانَت نوائبها فِي غَايَة الشدَّة والطول وَإِن كَانَت الغب مُدَّة نوائبها أقل من اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة فَلَيْسَ إِنَّمَا هِيَ سليمَة من الْخطر لَكِنَّهَا مَعَ ذَلِك سريعة الِانْقِضَاء وَإِن كَانَت مُدَّة نوائبها أطول من اثْنَتَيْ عشرَة فَهِيَ أطول من الْخَالِصَة بِحَسب فضل طول نوبتها على نَوَائِب الغب الْخَالِصَة وَبِالْجُمْلَةِ فالحميات الَّتِي تفارق حَتَّى ينقى مِنْهَا الْبدن تدل أَنَّهَا لَيست من الورم وَلَا من عفونة خبيثة فَهِيَ لذَلِك كَيفَ كَانَت سليمَة.

قَالَ: وَالْغِب المحرقة هِيَ أسخن الحميات سخونة.

قَالَ: وَإِذا كَانَ بِإِنْسَان حمى محرقة فَعرض لَهُ نافض انْحَلَّت بِهِ حماه.)

قَالَ ج: النافض يكون من صفراء تتحرك فِي أجسام حساسة متحركة سريعة وَمن أَصَابَهُ ذَلِك فِي حمى محرقة فَبين أَن بَطْنه سينطلق ويصيبه عرق وقيء مرار فَلِأَن المرارالذي هُوَ المولد للحمى يستفرغ وينقى الْبدن مِنْهُ بِأَن تِلْكَ الْحمى تنْحَل وتنقضي. وَمن أَصَابَهُ نافض فِي المحرقة مَرَّات كَثِيرَة فَلم تنْحَل بِهِ حماه وقوته ضَعِيفَة فَإِنَّهُ عَلامَة الْمَوْت. وَإِن كَانَت قوته قَوِيَّة فَإِنَّهُ عَلامَة لى: بِخِلَاف مَا فسر جالينوس هُوَ أولى بذلك لِأَن النافض فِي المحرقة إِنَّمَا يكون عِنْدَمَا ينتشر المرار وَيخرج من جَوف الْعُرُوق إِلَى اللَّحْم فَإِذا تبع ذَلِك إقلاع الْحمى دلّ على أَن الطبيعة قد دَفعته وأخرجته عَنْهَا ونقيت الْعُرُوق وَإِذا لم تقلع بِهِ الْحمى وَلم تخف لَكِنَّهَا بقيت بِحَالِهَا أَو ازدادت وخاصة إِن زَادَت فَيدل على أَن المرار لكثرته ورداءته قد انْتَشَر بِذَاتِهِ وفاض فِي الْبدن كُله فَإِذا كَانَ هَذَا مَعَ قُوَّة قَوِيَّة فَهُوَ مخوف لِأَنَّهُ مرض فِي غَايَة الْقُوَّة وَإِذا كَانَ مَعَ قُوَّة ضَعِيفَة فمهلك لِأَن الطبيعة لَا يُمكنهَا مقاومته لقُوته وغلبته وكثرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>