لى: كَأَن جالينوس يحْسب أَن الْهَوَاء الْجيد إِنَّمَا جيدا بِسَبَب غير الكيفيات وَكَذَا الرَّدِيء فَيكون ذَلِك الْهَوَاء الَّذِي هُوَ عِنْده جيد على مَا قَالَه مُوَافقا لجَمِيع النَّاس وبالضد وَفِي هَذَا نظر وَشك.
الثَّانِيَة من الأخلاط يَنْبَغِي للطبيب أَن يسْأَل أهل كل بلد عَن الْأَعْرَاض الَّتِي تعتادهم إِذا كَانَ مزاج الْبَلَد كمزاج فصل من فُصُول السّنة فَإِن الْأَمْرَاض الْخَاصَّة بذلك الْفَصْل خَاصَّة بذلك الْبَلَد وَإِذا كَانَ الْبَلَد يسخن ويبرد فِي يَوْم وَاحِد حدثت فِيهِ أمراض خريفية وَمَا كَانَ من الرِّيَاح يتَوَلَّد من لجج الْبَحْر فَهُوَ أَجودهَا كلهَا والمتولد من بخارات الْمَعَادِن وَالْآجَام والغياض ردية.
قَالَ: الْبلدَانِ الحارة الْيَابِسَة يضر بهَا الصَّيف وَكَذَا فِي جَمِيع الكيفيات الْأُخَر. وَأما أهل بلد قرانون فَإِن الحميات تكْثر فِيهَا فِي الخريف وَمن لم يحم مِنْهُم لَا بُد أَن يسترخي بدنه بِسَبَب عفونة آجام قريبَة مِنْهُم وتحدث بهم اليرقان والأطحلة من أمراض الخريف إِذا كَانَ الصَّيف ربيعياً لم تكن الحميات حارة جدا وَلَا يابسة وَلَا لَهَا خشونة على اللِّسَان بل تكون أحسن حَالا وَأكْثر عرقاً وَإِذا كَانَ الرّبيع شتوياً عرض السعال وَذَات الْجنب والخناق. إِذا تقدم الشتَاء فِي آخر الخريف حدثت الْأَمْرَاض الشتوية إِذا أفرط زمَان التَّقَدُّم فَإِنَّهُ يرجع بعد إِلَى حَاله فِي الْأَكْثَر وَتَكون الْأَمْرَاض مختلطة بِحَسب ذَلِك وَإِن صادفت برودة الزَّمَان بدناً بلغمياً كَانَ سَببا لحدوث الصرع والسكتة والفالج وَنَحْوه وَإِن صادفت الْحَرَارَة بدناً مرارياً أحدثت الْجُنُون والحمى المحرقة وَنَحْوه.