وَالْمَدينَة الْمَوْضُوعَة قبالة القطب الجنوبي المستورة عَن سَائِر الْجِهَات مزاجها حَار لِأَنَّهُ تهب فِيهَا ثَلَاث ريَاح جنوبية: الهابة من المحور الجنوبي وَهِي الْجنُوب الْخَالِصَة وَالْأُخْرَى تهب مائلاً عَن القطب إِلَى نَاحيَة الْمشرق قَلِيلا وَتسَمى النعامى وَالثَّالِثَة المائلة عَن القطب إِلَى الْمغرب قَلِيلا وَتسَمى الهيرة وَكلهَا حارة رطبَة وَلذَلِك صَار مزاج الْمَدِينَة حاراً رطبا.
لى: يَعْنِي أَن هَذِه هِيَ أحر وأرطب من سَائِر المدن المساوية لَهَا فِي الْعرض وَسَائِر الْحَالَات ثمَّ هبوب الرِّيَاح.
الْمَدِينَة الْمَوْضُوعَة تِلْقَاء القطب الشمالي المستترة من سَائِر النواحي مزاجها بَارِد يَابِس ويهب فِيهِ ثَلَاث ريَاح: شمالية الهابة من المحور الشمالي وَهِي الشمالية الْخَالِصَة والمائلة عَن القطب إِلَى نَاحيَة الْمشرق وَهِي القشع والمائلة إِلَى نَاحيَة المغربوهي الجريباء حُدُود الشمَال من الْمشرق الصيفي الْمغرب الصيفي.) ٣ (سكان الْمَدِينَة الشمالية) يغلب عَلَيْهِم اليبس وطبائعهم يابسة عسرة الانحلال. حُدُود الْمشرق فِي مَا بَين الْمشرق الصيفي إِلَى الْمشرق الشتوي.
الْمَدِينَة الْمَوْضُوعَة قبالة الْمشرق تهب فِيهَا ثَلَاث ريَاح: الهابة من الْمشرق الصيفي وَتسَمى السفع والهابة من الْمشرق الشتوي وَهِي الأزيب والهابة من الْموضع الْمُتَوَسّط من هَذِه وَهِي الصِّبَا معتدلة وأكثرها اعتدالاً الصِّبَا وَهَذِه الثَّلَاث الرِّيَاح معتدلة وأكثرها اعتدالاً الصِّبَا والهابة من الْمشرق الصيفي لِأَنَّهَا تميل إِلَى الشمَال فَهِيَ مائلة إِلَى الْبرد واليبس عَن الِاعْتِدَال بِقدر ميلها لِأَنَّهَا نَحْو الْمغرب وَهَذِه الْمَدِينَة معتدلة إِلَّا أَنَّهَا أميل إِلَى الْحَرَارَة مائلة قَلِيلا وماؤها جيد وهواؤها لطيف.
الرِّيَاح الَّتِي تهب فِي الْمَدِينَة الَّتِي قبالة الْمغرب ثَلَاث: الهابة من الْمغرب الصيفي وَتسَمى محوة والهابة من الْمغرب الشتوي وَتسَمى حيزبون والهابة الْوُسْطَى وَهِي الدبور وَهَذِه الرِّيَاح معتدلة وأعدلها الدبور وأيبسها محوة وأبردها الحيزبون لِأَنَّهَا مائلة إِلَى الشمَال.
الرِّيَاح المشرقية والمغربية وَإِن كَانَت معتدلة فالمشرقية أميل إِلَى الْحَرَارَة واليبس والمغربية إِلَى الْبرد والرطوبة.
لى: لِأَن هَذَا مشرق صَاف قَلِيل الرُّطُوبَة بِسُرْعَة إشراق الشَّمْس عَلَيْهِ وإذهابها لغلظ هَوَاء الأسحار وبالضد والرياح المشرقية والمغربية وَإِن كَانَت على طول وَاحِد فَإِنَّهَا يلْزمهَا مَا ذكرنَا لِأَن الرّيح المشرقية تَجِيء من هَوَاء قد لطفته الشَّمْس إِلَى هَوَاء لم تلطفه بعد والمغربية بالضد.
إِذا كَانَ الْبَلَد جبال ثلجية هبت ريَاح بَارِدَة فِي الشتَاء مَا دَامَ الثَّلج بَاقِيا فَإِذا ذهب الثَّلج لم تهب فِيهِ ريَاح وَصَارَ رمداً كبلاد طرسوس.
لى: هَذَا لم تكن لَهُ ريَاح أُخْرَى تهب.
الْبلدَانِ المشرفة جدا والغائرة جدا يكون تغاير الْأَزْمِنَة فِيهَا عَظِيمَة قَوِيَّة وَكَذَا فِي الْبلدَانِ الْمُخْتَلفَة الْحَالة الَّتِي بَعْضهَا عَال وَبَعضهَا منخفض وَلها جبال مُخْتَلفَة الْوَضع.
والبلدان الْيَابِسَة أَهلهَا أَكثر فهما وَأكْثر جلدا وبالضد.
اسْتَعِنْ بالمقالة الثَّامِنَة من هَذِه الْمسَائِل.
من الأولى من الأغذية قَالَ: اجْعَل الأغذية بِحَسب مزاج الْبِلَاد والأوقات وَاحْذَرْ فِي الخريف)
الْأَطْعِمَة الَّتِي تولد دَمًا سوداوياً وَالَّتِي تجفف وتستعمل فِي الشتَاء بِثِقَة واتكال وَكَذَا فَاسْتعْمل فِي الصَّيف الْأَطْعِمَة المبردة. وَأما الرّبيع فَاسْتعْمل فِيهِ الأغذية المعتدلة.
الأولى من المزاج قَالَ: شَرّ حالات الْهَوَاء الْحَار الرطب وَبِه يكون الوباء أَكثر كَمَا ذكر أبقراط: أَنه جَاءَ مطر جود ودام فِي الصَّيف كُله.
قَالَ: وَلَيْسَ شَيْء من أَوْقَات السّنة الطبيعية حاراً رطبا وَلَا الرّبيع لِأَن الرّبيع معتدل وَالْوَقْت الْحَار الرطب إِنَّمَا هُوَ الَّذِي تغلب عَلَيْهِ الْحَرَارَة مَعَ الرُّطُوبَة كالحال الَّتِي وصفهَا أبقراط.