للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالحرارة وَذَلِكَ أَن الْحَرَارَة فِي سونوخس كلهيب النَّار والنبض أعظم مَا يكون وأسرعه وأشده تواتراً فَأَما الدق فَلَا تلقى الْيَد مِنْهَا حرارة كَثِيرَة وَيكون النبض اصغر وَأَشد تَفَاوتا من نبض سونوخس بِحَسب نُقْصَان حرهَا عَنْهَا ويعم جَمِيع أَصْنَاف حمى الدق أَن تكون ضَعِيفَة وَتبقى مستوية دَائِما مُنْذُ أَولهَا إِلَى آخرهَا بِحَال وَاحِدَة.

قَالَ: ويخص مَا يكون من حميات الدق الَّتِي مَعهَا ذبول أَن تكون يابسة فَإِنَّهُ قد تكون حميات من الدق لَا يبس مَعهَا وَلَا تنْتَقل إِلَى الذبول.

لي هَذَا القَوْل بِالْإِضَافَة إِلَى الَّتِي مَعهَا ذبول فَأَما جَمِيع أَصْنَاف الدق فمعها يبس وتنتقل إِلَى الذبول إِن دَامَت.

قَالَ: فحميات الدق تخَالف الحميات المطبقة لما وَصفنَا وَأُمِّيًّا الحميات الَّتِي يكون فِي ابتدائها تضاغط فَأن بهيج ذَلِك بأصحاب الدق بعقب الْغذَاء ولهؤلاء بِخِلَاف ذَلِك وَالْأَمر يزْدَاد عِنْد أَخذه الْغذَاء ثَانِيَة. عنْدك بَيَانا إِذا تفقدت كم يَدُوم التَّغْيِير الْحَادِث بعد الْغذَاء من الْحَرَارَة وَذَلِكَ أَن تِلْكَ الْحَرَارَة إِنَّمَا تدوم بدوام ذَلِك الْغذَاء من الْحَرَارَة وَذَلِكَ أَن تِلْكَ الْحَرَارَة إِنَّمَا تدوم بدوام ذَلِك الْغذَاء واتصال بِالْقَلْبِ وترطيبه إِيَّاه من يبسه ثمَّ أَن الْحَال بعد ذَلِك تعود إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ أَولا قبل تنَاول الْغذَاء فَإِن غذوته فِي غير ألف هـ الْوَقْت الَّذِي غذوته فِي الْيَوْم الْمَاضِي رَأَيْت هَذَا الشَّيْء يكون بعقب الْغذَاء أَيْضا.

قَالَ: وَيُشبه أَن تكون الْعلَّة فِي هَذَا السَّبَب كالعلة فِي سخونة حِجَارَة النورة وَالْحِجَارَة المحماة فَإِنَّهَا تسخن عِنْد مَا يصب عَلَيْهَا المَاء وَذَلِكَ يكون فِي مَا يسْبق إِلَى الْوَهم لِأَن الْحَرَارَة الَّتِي فِيهَا حرارة مَعَ يبس فَإِن أَصَابَت جوهراً رطبا اغتذت مِنْهُ.)

قَالَ: وَهَذَا بحث طبيعي وَيدل على أَن حمى الدق الَّتِي مَعَ الذبول مَعهَا يبس شَدِيد أَنَّهَا لَا تكَاد تعرض لمن بدنه رطب لَكِن لمن بدنه يَابِس وخاصة إِن كَانَ مَعَ ذَلِك حر أَو تَعب أَو سهر أَو اهتم وقلل الْغذَاء فَإِن هَؤُلَاءِ يعرض لَهُم دق من أدنى غضب أَو هم وخاصة فِي الصَّيف.

قَالَ: فَأول ابْتِدَاء حمى دق الْوَقْت الَّذِي تنحط فِيهِ حمى يَوْم وتقلع ثمَّ لَا تنحط الْحمى انحطاطاً كَامِلا ويتزيد مَعَ ذَلِك اليبس تزيداً بَينا فَذَلِك أول وَقت تَزُول فِيهِ الْحمى عِنْد حد حمى يَوْم وَتدْخل حمى دق وتتبين وحد هَذِه الْحمى واستحكامها فِي الثَّالِث إِذا لم تحدث لَهُ فِي هَذِه الْمدَّة نوبَة أُخْرَى وَلَا أقلعت الْحمى واليبس بتزيد فمعلوم أَنَّهَا حمى دق وَأَنَّهَا ستؤول إِلَى ذبول سَرِيعا أَن لم تعالج. وحد انقلاب هَذِه الْحمى إِلَى الذبول هُوَ أول مَا يصير النبض صلبا ضَعِيفا وَقد كَانَ صَغِيرا متواتراً لِأَن الضعْف والصلابة فِي النبض من طبع هَذِه الْحمى لِأَن ضعفه من سوء المزاج الْحَادِث بِالْقَلْبِ وصلابته من اليبس وَمَتى كَانَ هَذَانِ العارضان قد عرضا للقلب وَجب أَن تكون الْحمى حمى ذبول وَيَقَع فِيهَا بعقب حميات محرقة وَأكْثر من يوقهم فِيهَا الْأَطِبَّاء لخطائهم فِي علاجهم وخاصة أَن احتاجوا إِلَى شرب مَاء بَارِد فمنعوا وَلم يتلطفوا فِي غَيره من الْأَشْيَاء المبردة الَّتِي تُوضَع على الصَّدْر وَمَا دون الشراسيف وَإِن كَانَ مَعَ أَنه لم يضمده بأضمدة بَارِدَة ضمده بآضمدة حارة محللة كالمتخذة من خبز وَعسل وَأَنه أَحْرَى بِأَن يصير إِلَى الذبول سَرِيعا مُفْردَة كَانَت حماه أَو من ورم حدث فِي الْمعدة أَو الكبد فَإِن الذبول أَكثر مَا يحدث إِنَّمَا يحدث عَن أورام هَذِه الْأَعْضَاء إِذا لم تعالج بصواب حَتَّى أَن قوما ظنُّوا أَنه لَا يُمكن أَن يكون الذبول إِلَّا من قبل الأورام وَلم يعلمُوا أَنه لن يحدث ذبول وَلَا دق عَن ورم عُضْو من الْأَعْضَاء أصلا دون أَن تنَال الْقلب آفَة وَهَذِه الآفة رُبمَا كَانَت من الْقلب نَفسه كالعارض من غضب وهم قوى دَائِم تطول مدَّته وَرُبمَا عرضت من الحميات المحرقة المفردة أَو الَّتِي مَعَ ورم الرئة والصدر وخاصة عِنْد تولد مُدَّة بَين الرئة والصدر وقرحة فِي الرئة وَبِالْجُمْلَةِ من كل ورم فِي عُضْو خطير يطول لبثه مَعَ يبس الْبدن وخاصة فِي الْقلب وَقد يحدث ذبول من ورم قولون وَمن ورم المريء وورم الكلى. وَرَأَيْت ذَلِك أَيْضا بِقوم كَانَ بهم اخْتِلَاف الدَّم من روم كَانَ بهم فِي أمعائهم وَمن زلق الأمعاء وَمن الذرب المزمن إِذا عرض لَهُم من أول الْأَمر وَمن بعد أَن تتمادى بهم الْعلَّة حمى رقيقَة ضَعِيفَة وَبِالْجُمْلَةِ فَمَتَى كَانَ جرم الْقلب ليسبق إِلَيْهِ يبس ثمَّ قبل حرارة الْحمى قبولاً

<<  <  ج: ص:  >  >>