للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وانحطاطها وَإِنَّمَا يضْطَر إِلَى ذَلِك إِن كَانَ العليل يغشى عَلَيْهِ إِن لم يغذ فَإِن لم يغش عَلَيْهِ وَلم يطرك شَيْء إِلَى تغذيته فتغذ إِذا انحطت حماه وَلَا تنْتَظر تَمام انحطاطها لِأَن الْأَبدَان المرارية لَا تنقى من الْحمى ليبسها واشتعالها وَإِن كَانَ الْمَرِيض فِي وَقت ابْتِدَاء النّوبَة يشْتَد عَلَيْهِ الْأَمر ويضعف ويذبل فغذه قبل ابْتِدَاء النّوبَة أَو حِين يَبْتَدِئ الدّور وَرُبمَا احتجت أَن تغذي العليل فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ قبل الدّور بساعتين وَبعده أَيْضا كَذَلِك فَلْيَكُن الْهَوَاء الْمُحِيط بِهِ بَارِدًا واسقه مَاء بَارِدًا قَلِيلا من غير اسراف فِي كيفته وَلَا فِي كميته وضع على بطونهم الأضمدة المبردة حَيْثُ ترى الْحَرَارَة أَكثر فَإنَّك إِذا فعلت ذَلِك احتملوا الْحمى بسهولة وقورا عَلَيْهِم ثمَّ لم تلبث ألف هـ حماهم فيحتملون فضل الْغذَاء والاستحمام وتدبير النَّاقة ويبرأون فَهَذِهِ جملَة تَدْبِير جالينوس لهَذِهِ الحميات وَهَذَا أوجه الاحتراس من الْوُقُوع فِي هَذِه الحميات الَّتِي ذَكرنَاهَا فِي الحميات المحرقة الْمُخْتَلفَة أَو الدق فلتضع الْآن أَن بَعضهم وَقع فِي حمى دق.)

الْهَوَاء الْبَارِد قَالَ ج: أول مَا يسْتَعْمل الْهَوَاء الْبَارِد لتبريد الْقلب وَيَنْبَغِي أَلا تدفئ الْبدن وَلَا تدثر وَإِن كَانَ شتاء وَيتْرك يتنفس من هَوَاء بَارِد فَإِنَّهُ ملاكه.

قَالَ: فالدق الَّذِي تكون الآفة فِيهِ إِنَّمَا نَالَتْ الْقلب تَنْشَق الْهَوَاء الْبَارِد وَهُوَ أَجود أدويته لِأَنَّهُ يصل إِلَيْهِ بِسُرْعَة ويبرده كَمَا أَن الدق الَّذِي ابتداؤه من الْمعدة إِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يقْصد فِيهِ لما يرطب ويبرد الْمعدة بالأطعمة والأشربة لِأَن الطَّعَام وَالشرَاب يلقى الْمعدة وقوته بَاقِيَة بِحَالِهَا وَالْقلب لَا يلقاه الطَّعَام وَهُوَ بَاقٍ بِحَالهِ بل يلقى الْهَوَاء وَهُوَ حَافظ لأكْثر أَحْوَاله.

قَالَ: وَأما الكبد فانتفاعها بِالطَّعَامِ وَالشرَاب انْتِفَاع لَيْسَ بالدون.

قَالَ: ويعم جَمِيع أَصْنَاف الدق من أَيْن كَانَ ابتداؤه مداواته بِمَا يبرد ويرطب مِمَّا يُؤْكَل وَيُوضَع خَارِجا.

قَالَ: وَأكْثر مَا تكون حميات الدق وحميات الذبول عِنْد الْحر واليبس فِي الْقلب أَو فِي الْمعدة أَو الكبد وَكَثِيرًا مَا تكون تَابعا لسوء مزاج يَابِس من الرئة غير أَن الرئة عُضْو لَيْسَ بمستعد لِأَن يكون مِنْهُ أَمْثَال هَذِه الحميات لِأَنَّهُ عُضْو رخو رطب. وَقد تكون هَذِه الحميات تَابِعَة لآفة تنزل فِي الصَّدْر لي إِلَّا أَنه ورم حَار أَو لسوء مزاج حَار يَابِس أَو لجداول الْعُرُوق المنتسجة بَين الكبد والمعي أَو بالمعي الصَّائِم أَو يَقُولُونَ أَو بالأرحام أَو بالكلى أما الآفة تنزل بالحجاب فَلَا أعلم أَنِّي رَأَيْت حمى ذبول تتبعها وَأما الدق فقد رَأَيْتهَا مرّة وَاحِدَة تبعه آفَة نَالَتْ الْحجاب وتمت واستحكمت. وَرَأَيْت مرَارًا شَتَّى الآفة النَّازِلَة بالحجاب قَلِيلا مَا يُمكن مَعهَا أَن يستحكم الدق لِأَن أَمْثَال هَذِه الْعِلَل يتبعهَا عسر تنفس واختلاط عقل فَيَمُوت الْمَرِيض فِي الْأَكْثَر بِسَبَب مَا يعرض لَهُ من ذَلِك.

قَالَ: قد وصفت أَمر الْهَوَاء الْحَار والبارد وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي بَاب جمل الحميات عِنْد تَدْبِير الْأَبدَان المرارية وَقد وصفت هُنَاكَ كَيفَ يَنْبَغِي أَن يكون الْبَيْت الَّذِي تأويه فَخذه من هُنَاكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>