للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الوجع قد سكن مُنْذُ أَقبلت تبول هَذَا الْبَوْل وَكَانَت قد نالته عشرَة أَيَّام حِين جَاءَتْنِي وَكَانَت بهَا حمى ليلية كل لَيْلَة بنافض وَالْمَرْأَة سوداوية فأشرت عَلَيْهَا بِمَا يدر الْبَوْل.

امْرَأَة أُخْرَى أَصَابَهَا قولنج يسير فسقيت شهرياران وسقيت بعده دَوَاء فِيهِ حرارة كَثِيرَة وَكَانَ الوجع فِي الرَّحِم وَإِنَّمَا احْتبست الطبيعة مَعَه لوجع ورم فِي الرَّحِم يضيق على الْأَعْوَر ويشتد مِنْهُ الوجع إِذا نزل الثفل وامتنعت الطبيعة من إبراز الثفل لذَلِك فَلَمَّا سقيتها ألف هـ هَذِه الْأَدْوِيَة جرى من قبلهَا شَيْء يشبه المشيمة فَأمرت الْقَابِلَة أَن تتفقد صلابته وتجسه فَكَانَ رخواً عديم الْحس فَأمرت أَن يشد بالفخذين بعد يَوْمَيْنِ فَأمرت أَن يقطع مَا لم يحس مِنْهُ وَنَشَأ شَيْء آخر فَقطع ثَلَاث مَرَّات ثمَّ بَرِئت.

جَاءَنَا الشَّيْخ المسلول مَا زَالَ ينفث دَمًا كثيرا مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ إِن الْأَمر اشْتَدَّ بِهِ فسقى بَنَادِق مَانِعَة من السعال فجف عَلَيْهِ كل مَا كَانَ بِهِ وبرأ برءاً تَاما ثمَّ مَاتَ وَلم أكن متفقداً لحاله فِي هَذِه الْأَيَّام. فَيَنْبَغِي أَن يمْتَنع عَن الْمَانِعَة للنفث إِلَّا حَيْثُ ينحدر مَا لَهُ من الرَّأْس وَيَنْبَغِي أَن يمْنَع من التضميد للبطن فِي الحصبة والجدري فَإِنَّهُ يضيق النَّفس على الْمَكَان وَيُورث إسهالاً رديئاً وبل أَلد ومثاله ابْن السوادة.

أبيذيميا الْمَرِيض الأول من الْمقَالة الأولى: هَذَا حم حمى حارة قَوِيَّة الْحَرَارَة يَوْمه كُله ثمَّ عرق فِي لَيْلَة عرقاً كثيرا فَلم تنقص عِنْد ذَلِك الْعرق وَلم يُخَفف عَنهُ شَيْئا من حماه لَكِن كَانَت لَيْلَة كلهَا وَفِي يَوْمه الثَّانِي اشْتَدَّ مَا بِهِ من هَذِه الْأَعْرَاض أَكثر ثمَّ حمل شياقه عَشِيَّة هَذَا الْيَوْم فَنزل مِنْهُ برَاز وَخفت ليلته أجمع ونهار يَوْم الثَّالِث إِلَى نصفه. فَلَمَّا كَانَ فِي آخر هَذَا الْيَوْم هَاجَتْ الْحمى مَعَ عَطش شَدِيد وجفوف الْفَم وعرق لَا تخف بِهِ الْحمى أصلا وتخبط وهذيان وبال)

فِي هَذِه اللَّيْلَة بولاً أسود. وَفِي الْيَوْم الرَّابِع اشْتَدَّ أَيْضا جَمِيع مَا كَانَ بِهِ أَكثر وبال بولاً أسود ثمَّ كَانَ لَيْلَة صبيحتها الْيَوْم الْخَامِس وَإِلَى انتصاف الْخَامِس أخف فَلَمَّا كَانَ بعد انتصافه قطر من مَنْخرَيْهِ قطرات دم يسير أسود وبال بولاً فِيهِ تعليقات مثل الْمَنِيّ مُخْتَلفَة الشكل مستديرة وَغير ذَلِك وَلم يكن يرسب وصعب أَيْضا كل مَا بِهِ لَيْلَة صبيحتها السَّادِس وَبَردت فِيهَا أَطْرَافه حَتَّى لم تسخن إِلَّا بكد وَقل ونومه وبال بولاً أسود. فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَة السَّادِس انسكب وعرق عرقاً بَارِدًا ثمَّ اخضرت أَطْرَافه نَحْو انتصاف النَّهَار وَمَات. وَكَانَ عرقه فِي مَرضه كُله بَارِدًا وَنَفسه عَظِيما متفاوتاً بَانَتْ دَلَائِل الرداءة فِي هَذَا الْمَرِيض فِي ليلته الأولى وَذَلِكَ أَنه كَانَ يعرق فِيهَا أجمع فَلَا تخف حماه بذلك.

وَقد قَالَ بقراط: إِن الْأَشْيَاء الَّتِي تكون بهَا البحران إِذا كَانَت ثمَّ لم يكن لَهَا بحران فإمَّا أَن تدل على الْمَوْت وَذَلِكَ إِذا كَانَت مَعَ دَلَائِل مهلكة أَو على طول الْمَرَض ألف هـ وَذَلِكَ إِذا كَانَت مَعَ دَلَائِل السَّلامَة. وكما أَن حمى هَذِه إِنَّمَا لم تخف بالعرق لَكِنَّهَا كَانَت فِي الثَّانِي أقوى وَأَشد فَلَمَّا بَال فِي الْيَوْم الثَّالِث بولاً أسود حقق دَلِيل الرداءة. وَذَلِكَ أَنه ظهر بعد الشَّيْء الَّذِي بِهِ يكون البحران عَلامَة أُخْرَى قاتلة أَيْضا أكدت الأولى وَشهِدت لَهَا أَعنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>