كَثِيرَة خامة وَيكثر حُدُوث الغشي فِيمَن كَانَت معدنه ضَعِيفَة أَو تصل إِلَيْهَا أخلاط لذاعة كَثِيرَة جدا. وَقد عرض الغشي أَيْضا من عوارض النَّفس وَأكْثر مَا يعرض ذَلِك للمشايخ والضعفاء أَو عرق يعرقه أَو عِنْد انفجار الخراجات الْعَظِيمَة وخاصة إِن جرت الْمدَّة إِلَى معدته أَو صَدره أَو كلاه وَكَذَلِكَ إِذا أفرط المسهل والقيء وأفرط استفراغ مَا طبيعي أَو غير طبيعي. فَإِن مَاء الاسْتِسْقَاء يحدث الغشي ويعرض أَيْضا بِسَبَب وجع عَظِيم فِي قولنج وَغَيره وَمن خراجات العصب وإفراط الْبرد دفْعَة وَالْحر وانحلال الْقُوَّة.
قَالَ: فَمن أَصَابَهُ غشي من هيضة أَو ذرب وَبِالْجُمْلَةِ من شَيْء من الاستفراغ الَّذِي يكون دفْعَة فأنضج عَلَيْهِم المَاء الْبَارِد وَشد مناخرهم وادلك فَم معدهم وهيج الْقَيْء بريشة وَشد أَطْرَافهم إِذا كَانَ الاستفراغ من أَسْفَل فاليدين خَاصَّة شدهما شداً شَدِيدا وأرخ شدّ الرجلَيْن قَلِيلا وَبِالْعَكْسِ فِي الْقَيْء والرعاف وَنَحْو ذَلِك برد الْجِرَاحَات وَعَلَيْك بِالشرابِ الممزوج بِالْمَاءِ الْبَارِد فِي مداواة كل غشي من استفراغ وخاصة فِي الْكَائِن من أَشْيَاء تنصب إِلَى الْمعدة بعد أَن تتفقد أَلا يكون هُنَاكَ ورم حَار فِي الأحشاء أَو حمى محرقة لم تنضج أَو صداع شَدِيد أَو)
اخْتِلَاط وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يَضرهَا الشَّرَاب. وَإِن اضطررت إِلَيْهِ لعظم الغشي فأقدم عَلَيْهِ بسقيه صرفا أَو ممزوجاً بِمَاء بَارِد على قدر الْأَعْرَاض الَّتِي تظهر واختر من الْخُمُور مَتى كَانَ استفراغ الدَّم الغليظ الْأسود وَمَتى كَانَ الاستفراغ والغشي عَن الْمعدة من قيء فالأصفر والريحاني الْقوي الْحَرَارَة وَعَلَيْك إِن كَانَ استفراغ دَائِم بِمَنْع ذَلِك الاستفراغ. فَمن أَصَابَهُ الغشي لذرب الْبَطن فالحمام أوفق الْأَشْيَاء لَهُ. وَمَتى كَانَ لنزف دم فأردأ الْأَشْيَاء لَهُ. وَكَذَلِكَ من أَصَابَهُ من الْعرق فالحمام رَدِيء لَهُ جدا لِأَن هَذَا يحْتَاج إِلَى مَا يفِيض ألف هـ جلده وَلَا يسقى شرابًا الْبَتَّةَ وَلَا يُحَرك على الْقَيْء أصلا بِوَجْه من الْوُجُوه وَيجْعَل مضجعه أَن يكون لينًا ويكسب الْموضع رَوَائِح طيبَة قابضة كالورد وَالْخلاف وورق الْكَرم. فَأَما الَّذين يعرض لَهُم الغشي بِسَبَب امتلاء فَلَيْسَ يكون تَدَارُكه على هَذَا النَّحْو بل يكون بِأَن تدلك رِجْلَاهُ ويداه دلكا كثيرا جدا ويسخن ويشد وَيمْنَع الشَّرَاب وَالطَّعَام وَالْحمام ويقتصر بِهِ على مَاء الْعَسَل قد طبخ فِيهِ فوذنج وسكنجبين وَلِهَذَا علاج الغشي الَّذِي عَن الرَّحِم خلا السكنجبين واقصد فِيهِ بالشدو والدلك إِلَى الرجلَيْن خَاصَّة وَسَائِر علاج اختناق الرَّحِم.
وَأما الَّذِي بِسَبَب فَم الْمعدة فضمدها بالقصب والسراب وَسَوِيق الشّعير والمصطكي والزعفران والسنبل وَإِن كَانَ مَعَ لهيب شَدِيد فَاجْعَلْ مَعهَا الحصرم والورد وليشرب المَاء الْبَارِد وَلَا تسقه إِلَّا مَعَ لهيب شَدِيد.
وينفع من يُصِيبهُ الغشي بِسَبَب ضعف الْمعدة شدّ الْأَطْرَاف نفعا عَظِيما فَإِذا أقبل العليل بِهَذِهِ العلاجات فبادر لمن كَانَ بِهِ تلهب فِي الْمعدة إِلَى الْحمام.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute