للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ: النضج على ضَرْبَيْنِ: أما نضج إِلَى الدَّم أَو انطباخ الفضول المرارية ورقتها كالحال فِي الْمدَّة وَإِذا قُلْنَا فِي المرار والأخلاط المرارية إِنَّهَا نَضِجَتْ فَإِنَّمَا نُرِيد بذلك إِن انْتَقَلت من رداءة طبيعتها إِلَى مَا هُوَ أصلح بِغَلَبَة الطبيعة لَهَا فَإِن الْعَادة قد جرت أَن تسمى مَا قهرته الطبيعة نضجاً وَإِن كَانَ لم يسْتَحل إِلَى مَا يغذو الْبدن وقلله مَا عدا الطبيعة فَهُوَ غير نضج وعَلى هَذَا الْمِثَال يُقَال للورم إِذا مد أَنه قد نضج على أَنه لَيْسَ شَيْء من الْأَعْضَاء يغتذى من الْمدَّة كَمَا يغتذى من الأخلاط النِّيَّة والبلغم إِذا كمل نضجها فَمَتَى سَمِعت نضجاً للأخلاط النِّيَّة والبلغمية فَإِنَّمَا تَعْنِي بِهِ النضج إِلَى الدَّم وَأما المرتان فَإِن قيل فيهمَا نضج فَإِنَّمَا يَعْنِي غَلَبَة الطبيعة لَهما وَإِن كَانَ لَا يَسْتَحِيل مِنْهُمَا شَيْء إِلَى مَا يغذو كَمَا يَسْتَحِيل الدَّم فِي الأورام إِلَى الْمدَّة لَا إِلَى مَا يغذو فَأَما العفونات فَإِنَّهَا إِنَّمَا تستحيل بحرارة غريزية كالحال فِي أجسام الْمَوْتَى.

وَقد نقُول: فِي الْبَوْل نضج وَهُوَ غير نضيج على أَنه لَيْسَ يُمكن أَن يغتذى الْبدن من الْبَوْل النضيج لَكِن على معنى قهر الطبيعة للخلط. وَكَذَا يَقُول فِي الْخَلْط السَّائِل من الزُّكَام والرمد وصديد القروح والأورام أَنَّهَا نضيجة وَغير نضيجة وَكَذَا إِذا قُلْنَا فِي خلط مراري أَنه قد نضج فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي أَنه قُم أحالته ألف هـ الطبيعة إِلَى أَجود مَا يُمكن فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>