للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نوبتها أطول من مُدَّة زمَان الغب الْخَالِصَة فانقضاؤها أَبْطَأَ بِقدر فضل نوبتها عَلَيْهَا.

لي هَذَا يصحح رَأْيِي فِي أَن النّوبَة الْوَاحِدَة تدل على زمَان الْمَرَض الكلى وعَلى ألف هـ هَيْئَة الْأَرْبَعَة الْأَزْمِنَة حَتَّى يكون حَاله فِي جَمِيعهَا مشابهاً لحَال النّوبَة الْوَاحِدَة وَإِن كَانَت الْحمى تبطئ حَتَّى تَنْتَهِي كَانَ الْمَرَض كُله بعيد الِانْتِهَاء فَكَذَا فِي سَائِر الْأَزْمَان لِأَن طول الِانْتِهَاء فِي النّوبَة الْوَاحِدَة إِنَّمَا يكون لبعد الْخَلْط عَن قبُول الْحَرَارَة والاشتعال. وَكَذَا هُوَ أبعد من النضج أَيْضا لِأَن الِانْتِهَاء للنوبة الْوَاحِدَة نضج لذَلِك الْمِقْدَار الَّذِي قد عفن فِي ذَلِك الْيَوْم وَالْقِيَاس فِيهِ وَاحِد والتجربة تشهد لَهُ أَيْضا بذلك.

الْمقَالة السَّابِعَة من الفضول الْأَمْرَاض الحادة تكون لحميات مطبقة على الْأَكْثَر.

من أزمان الْأَمْرَاض: منزلَة الْأَوْقَات من الْأَمْرَاض بِمَنْزِلَة الْأَسْنَان من الْحَيَوَان.

الْأَوْقَات مِنْهَا كُلية وَهُوَ وَقت الِابْتِدَاء الكلى والصعود والانتهاء والانحطاط. وَمِنْهَا جزئية وَهِي هَذِه الْأَوْقَات فِي النّوبَة الْوَاحِدَة وَذَلِكَ أَن للنوبة ابْتِدَاء وَقت الِاضْطِرَاب وَوقت الِابْتِدَاء وَوقت التزيد وَوقت الِانْتِهَاء وَوقت الانحطاط وَوقت غب الْحمى الَّتِي عَنْهَا هِيَ فَهَذِهِ سِتَّة أَوْقَات بَيِّنَة تتبين للحس فِي غب وَذَلِكَ أَن من يحم حمى غب فَأول مَا تبتدئ يحس بقشعريرة تتزيد قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى تصير نافضاً وَهَذَا الْوَقْت يُسمى وَقت الِابْتِدَاء ثمَّ أَن النافض يَبْتَدِئ ويسكن وتبتدئ الْحَرَارَة فِي الْبدن وَيُسمى هَذَا الْوَقْت وَقت الصعُود ثمَّ أَن الْحَرَارَة تلبث بِحَالِهَا مُدَّة وَتسَمى هَذِه الْحَال الِانْتِهَاء ثمَّ أَن الْحَرَارَة تقبل تضعف وينقي الْبدن مِنْهَا وَهَذَا الْوَقْت وَقت الانحطاط ثمَّ يبْقى الْبدن مُدَّة مَا إِلَى أَن تعود وَهُوَ وَقت غب الْحمى.

قَالَ فِي حمى غب: أول مَا تبتدئ فِي هَذِه الحميات القشعريرة ثمَّ يتبع ذَلِك برد الْأَطْرَاف بقشعريرة أَشد ثمَّ يعرض النافض وتبرد أَعْضَاء الْبدن كلهَا وَيصير النبض فِي ذَلِك الْوَقْت أَصْلَب مِمَّا كَانَ بالطبغ وأصغر وتتبين الشرعة فِي الانقباض بَيَانا ظَاهرا لمن كَانَ عَالما بمجة الانقباض وَذَلِكَ أَن حَرَكَة الانبساط فِي أَكثر أَمر بطيئة وخاصة فِي ابْتِدَاء الدّور وَكَثِيرًا مَا توهم أَنَّهَا مُتَسَاوِيَة للْحَال الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِيمَا قبل والسكونان فتجد أَحدهمَا وجودا بَينا هُوَ الَّذِي يكون بعد الانقباض أطول مُدَّة وَأما الَّذِي ألف هـ بعد الانبساط فتجده فِي بعض الْأَوْقَات بِمَنْزِلَة الانبساط مُسَاوِيا لما كَانَ عَلَيْهِ فِيمَا قبل وتجده فِي بَعْضهَا غير مساوٍ وَقُوَّة تبيان ذَلِك أَن يلبث)

فِي بعض النَّاس ساعتين من سَاعَات الاسْتوَاء وَفِي بَعضهم أَكثر وَفِي بَعضهم أقل غير أَن النبض بعد ذَلِك إِذا ابْتَدَأَ يعظم ويسرع فِي الْحَرَكَة ويتواتر فيزيد فِيهِ كل وَاحِد من هَذِه الثَّلَاثَة قَلِيلا قَلِيلا وَسَاعَة يعرض ذَلِك تشتد حرارة الْبدن ويتغير النبض كَمَا قلت فيحس بعض النَّاس فِي دَاخل بدنه بتوقد شَدِيد وأطرافه بعد بَارِدَة وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن الِاضْطِرَاب يغلب على الْبدن فِي هَذَا الْوَقْت غَلَبَة لَيست باليسيرة فَهَذَا هُوَ الْوَقْت الثَّانِي بعد الْوَقْت الأول الَّذِي يبرد فِيهِ جَمِيع الْبدن ويتغير فِيهِ النبض إِلَى ضد مَا كَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تقدم من ذَلِك وَذَلِكَ أَن النبض فِي وَقت غب الْحمى يكون بِحَال الطبيعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>