الْبرد فِي ذَلِك)
الزَّمَان وَيكون سكونها أَبْطَأَ لِأَنَّهُ يحْتَاج فِي سكونها إِلَى أَن ينضج أَو يتَحَلَّل وَبرد الْهَوَاء مَانع من ذَلِك وَتَكون معاودتها أقل وَذَلِكَ أَن المعاودة تحْتَاج إِلَى حَرَكَة وَبرد الزَّمَان يمْنَع من ذَلِك.
وَمن شكا فِي حمى سليمَة صداعا وَرَأى أَمَام عَيْنَيْهِ شَيْئا أسود فَإِنَّهُ مَتى أَصَابَهُ مَعَ ذَلِك وجع فِي فُؤَاده حدث لَهُ قيء مراري فَإِن أَصَابَهُ مَعَ ذَلِك نافض وَكَانَت النواحي السُّفْلى مِمَّا دون الشراسيف مِنْهُ بَارِدَة كَانَ الْقَيْء أسْرع عَلَيْهِ فَإِن تنَاول فِي ذَلِك الْوَقْت طَعَاما أَو شرابًا أسْرع إِلَيْهِ الْقَيْء جدا.
لي: وَهَذَا الصداع والتخييل إِنَّمَا هُوَ من بخار الْمرة الصَّفْرَاء فَإِن الصَّفْرَاء إِذا سخنت سخونة شَدِيدَة تحترق ويرتفع مِنْهَا بخار أسود فَيكون مِنْهُ الصداع والتخييلات الشبيهة بتخييلات من يعرض فِي عَيْنَيْهِ المَاء وَالْفرق بَين هَذَا البخار وَبَين الصاعد من الرئة هُوَ أَن البخار الصاعد من الْمعدة يحس مَعَه بلذع فِي فَم الْمعدة لِأَنَّهَا تحس بلذع تِلْكَ الصَّفْرَاء الَّتِي عَنْهَا يصعد ذَلِك البخار وَأما الصاعد من الرئة فَإِنَّهُ لَا يحس مِنْهُ صَاحب الصداع فِي الصَّدْر بلذع وَذَلِكَ أَن الرئة لَا تحس هَذَا الإحساس فَأَما فَم الْمعدة فَفِي غَايَة الإحساس.
واختلاج الشّفة السُّفْلى أَيْضا يدل على الْقَيْء أَكثر من كل شَيْء وأسرع وَذَلِكَ أَن الطَّبَقَة الدَّاخِلَة من الْمعدة هِيَ الَّتِي تغشى المري وَاللِّسَان وَالْحلق وَجَمِيع الْفَم وكل أَجزَاء هَذِه الطَّبَقَة مُتَّصِلَة فَهِيَ الَّتِي تحرّك الشّفة السُّفْلى إِذا حدث لَهَا لذع فِي فَم الْمعدة من حِدة المرار وَذَلِكَ أَن شَأْن هَذَا المرار أَن يطفو لخفته فِي فَم الْمعدة فَإِن عرض فِي ذَلِك الْوَقْت نافض كل الْقَيْء مَعَ إسراعه غزيرا كثيرا لِأَن النافض فِي أَكثر الْأَمر يحدث فِي الْقَيْء مرار فَإِن تنَاول فِي ذَلِك الْوَقْت طَعَاما أَو شرابًا حدث الْقَيْء أسْرع لِأَنَّهُ يفْسد بذلك المرار وتكثر كميته فَيكون أسْرع للقذف فَيخرج.
وَمن بَدَأَ بِهِ هَذَا الصداع من أَصْحَاب هَذِه الحميات مُنْذُ أول يَوْم حم فَإِنَّهُ أَحْرَى أَن تشتد بِهِ فِي الرَّابِع وَالْخَامِس وَيكون بحرانه فِي السَّابِع فَأَما أَكْثَرهم فَإِنَّهُ يَبْتَدِئ بهم هَذَا الصداع فِي الثَّالِث مُنْذُ حموا ويشتد بهم فِي الْخَامِس ثمَّ يَجِيء البحران فِي التَّاسِع أَو الْحَادِي عشر.
وَمِنْهُم من يبتدىء بِهِ الصداع فِي الْخَامِس وينقضي فِي الرَّابِع عشر وَالَّذِي يعم جَمِيع هَؤُلَاءِ أَن يجيئهم فِي السَّابِع مُنْذُ يَوْم يصدعون لِأَن الوجع الَّذِي ابْتَدَأَ فِي الأول جَاءَ هَذَا البحران فِيهِ فِي السَّابِع وَأما الَّذِي ابْتَدَأَ بِهِ الصداع فِي الثَّالِث فبحرانه تَجدهُ بِهَذَا الْقيَاس أَن يكون فِي الْعَاشِر لِأَن)
السَّابِع من الثَّالِث إِلَّا أَن هَذَا الْيَوْم لَيْسَ بِيَوْم بحران فَإِن البحران إِمَّا أَن يتقدمه فَيَجِيء فِي التَّاسِع وَإِمَّا أَن يتأخره فَيَجِيء فِي الْحَادِي عشر بِحَسب حَرَكَة الْمَرَض فَإِنَّهُ إِن كَانَ إِلَى الحدة أميل وَاتفقَ للعليل مَا يُوجب ذَلِك مَال إِلَى التَّاسِع وَإِن اتّفقت أضداده فَإلَى الْحَادِي عشر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute