حركتها قد ضعفت وَخفت أَن يكون مَا استفرغته نَاقِصا عَمَّا بِهِ يكمل البحران فَيَنْبَغِي أَن تعين على استتمام مَا تُرِيدُ فعله.
لي: مِثَال ذَلِك أَنه إِن كَانَ يُرِيد أَن يكون إسهال وَكَانَت حَرَكَة نَاقِصَة أَعْطيته مسهلا وَإِن كَانَ رعافا خدشت الْأنف دَاخِلا على مَا قد جرت بِهِ الْعَادة لِأَنَّك إِن لم تفعل ذَلِك جلبت البقايا الَّتِي تبقي عودة من الْمَرَض.
قَالَ: والبحران يحْتَاج إِلَى خلال حَتَّى يكون كَامِلا فَأول ذَلِك البحران الْكَائِن بالاستفراغ أفضل من الْكَائِن بالخراج والبحران الَّذِي يستفرغ ذَلِك الْخَلْط نَفسه الَّذِي هُوَ عِلّة الْمَرَض وَالْغَالِب فِي الْبدن أفضل من الَّذِي يستفرغ غَيره من الأخلاط وَالَّذِي يكون استفراغه من الشق الَّذِي فِيهِ الْمَرَض من الَّذِي يكون من الْجَانِب الآخر وَالَّذِي يكون بعقبه رَاحَة من الوجع أفضل من غَيره وَالَّذِي يكون من بعد ظُهُور النضج هُوَ الْمَحْمُود وَالَّذِي يكون فِي يَوْم بحران. فالبحران هُوَ الَّذِي يجب اجْتِمَاع هَذِه الْأَشْيَاء لَهُ حَتَّى يكون بحرانا كَامِلا.
لي: قد أهمل ذكر كمية مَا يستفرغ وَأَنا أرى أَن ملاك الْأَمر كُله ذَلِك وَهُوَ الَّذِي يجب أَن يستتم وَقد ذكر الاستفراغ الَّذِي يكون من خلط غير الْخَلْط الَّذِي هُوَ سَبَب الْمَرَض وَأَنا أرى أَن هَذَا لَيْسَ إِنَّمَا يسْتَحق أَن يُسمى بحرانا فَقَط لكنه استفراغ رَدِيء ضار وَأَنا أرى أَن الطبيعة وَهِي مخلاة لَا تقصد إِلَى فعل مثل هَذَا البحران وَلَا أَن تجْعَل الاستفراغ من الْجَانِب الَّذِي لَيْسَ فِيهِ الْعلَّة وَإِذا أردْت أَن تستوفي مَا نقص من البحران النَّاقِص فاستفرغ من الْموضع الَّذِي هُوَ إِلَيْهِ أميل إِلَّا أَن يكون فِي ذَلِك ضَرَر من مروره على عُضْو خطير أَو عليل أَو يكون قد مَالَتْ إِلَى مَوضِع لَا يجب أَن تميل إِلَيْهِ فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك يجب أَن تجذبها إِلَى ضد تِلْكَ النَّاحِيَة بِأَن تجْعَل)
الاستفراغ مِنْهَا إِلَّا أَن يكون مَا يحدث عَن مرورها على الْموضع الَّذِي قد مَالَتْ إِلَيْهِ أقل ضَرَرا من نقلهَا عَنهُ فَأَما إِن كَانَ مرورها على الْموضع الَّذِي مَالَتْ إِلَيْهِ أعظم ضَرَرا من ضَرَر الْعلَّة الَّتِي بهَا يكون البحران فأمله عَنهُ وَإِن لم يتهيأ فامنعه أَن يجْرِي مِنْهُ على ذَلِك الْموضع.
قَالَ فِي اللَّيْلَة الَّتِي قبل البحران تكون حَالَة الْمَرِيض أَشد لِأَن الطبيعة تُجَاهِد وَيكون هَذَا الِاضْطِرَاب بِالنَّهَارِ أَيْضا إِلَّا أَنه بِاللَّيْلِ أَشد وَأما فِي اللَّيْلَة الَّتِي بعد البحران فَيكون العليل على قَالَ: مَتى لم يكن بالبحران ميل الْبدن كُله إِلَى حَال جَيِّدَة أَو رَدِيئَة فَإِن كَمَال ذَلِك التَّغَيُّر يَجِيء فِي الْيَوْم الَّذِي بعده من أَيَّام البحران.
وَأكْثر أمراض الصّبيان المزمنة يَأْتِي البحران فِي بَعْضهَا فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَبَعضهَا فِي سَبْعَة أشهر وَفِي سبع سِنِين وَفِي وَقت نَبَات الشّعْر فِي الْعَانَة فَأَما مَا بَقِي من الْأَمْرَاض فَلَا ينْحل فِي وَقت الإنبات أَو جرى الطمث فَإِنَّهَا تزمن وتطول.
وَمن أَصَابَهُ من الْحمى فِي الْيَوْم السَّادِس من مَرضه نافض فَإِن بحرانه يكون نكلا.