مستو بَارِدًا إِمَّا فِي الرَّأْس وَحده وَإِمَّا فِي الْعُنُق أَو فِي الصَّدْر وَيصير نبض عرقه ضَعِيفا صَغِيرا وَتعرض لَهُ أشباه هَذِه الْأَعْرَاض فَإِنَّهُ يَمُوت فِي مثل ذَلِك الْوَقْت. وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن الْمَرِيض يَمُوت فِي شَرّ أَوْقَات الْحمى.
مِثَال ذَلِك أَنَّك إِن رَأَيْت نَوَائِب الْحمى فِي الْيَوْم الثَّانِي وَالرَّابِع أصعب مِنْهَا فِي الأول وَالثَّالِث وَالْخَامِس واستدللت بذلك على أَن الْمَرِيض يَمُوت فِي السَّادِس وَرَأَيْت ابْتِدَاء النّوبَة أصعب من جَمِيع أَجْزَائِهَا وَكَانَ ذَلِك فِي السَّاعَة السَّادِسَة قلت فِي هَذَا الْوَقْت يَمُوت الْمَرِيض.
والمستعمل لهَذَا الطَّرِيق على مَا يجب يُصِيب فِي الْأَكْثَر وَإِنَّمَا يُخطئ فِي الندرة لِأَن العلامات لَيست تظهر فِي كل حِين صَحِيحَة وَثِيقَة فَيَنْبَغِي أَن تروض نَفسك فِي تعرف العلامات على الِاسْتِقْصَاء مَا أمكنك ثمَّ إِذا وقفت على عَلامَة صَحِيحَة فَاقْض بِمَا صَحَّ عنْدك فَإِن كَانَت الْعَلامَة الَّتِي ظَهرت غير وَاضِحَة فَانْظُر يَوْمًا ثمَّ تفقد أَمر الْمَرِيض فِي يَوْم بعده فَإِن لم يمكنك فِي ذَلِك الْيَوْم أَيْضا أَن تقضي بِشَيْء قد صَحَّ عنْدك فالسكوت أجمل بك.
وَقد تعاطيت أَنا هَذَا الْإِنْذَار دهري مَا أعلم أَنِّي أَخْطَأت مرّة وَكَثِيرًا مَا أَقْْضِي مُنْذُ أول الْحمى على أمرهَا كُله فَأَقُول: إِن هَذِه غب أَو ربع أَو نائبة كل يَوْم أَو دائمة حادة لِأَنَّهُ لَيْسَ يُمكن أَن تعرف عَاقِبَة الْحمى مُنْذُ أول أمرهَا إِلَّا أَن يعرف من أَي نوع هِيَ.
وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي البحران فلنعد إِلَى مَا قصدنا فَنَقُول: مَتى رَأَيْت مَرِيضا حماه حادة فِي)
الْيَوْم الأول وَلَيْسَ فِيهَا شَيْء من الْخطر وَفِي بَوْله عَلامَة نضج فَلَيْسَ يجوز مَرضه الرَّابِع حَتَّى تَنْقَضِي حماه وَكَذَلِكَ إِن كَانَت جَمِيع علاماته تدل على التّلف فَلَا يجوز الرَّابِع حَتَّى يَمُوت.
وَإِن كَانَت حماه حادة وَلم يظْهر فِيهِ شَيْء من عَلَامَات الْهَلَاك وَلَا من عَلَامَات النضج فَلَيْسَ يُمكن أَن يسكن مَرضه فِي الرَّابِع وَلَا قبله فتفقد حِينَئِذٍ هَل كَمَا لم يظْهر شَيْء من عَلَامَات النضج كَذَلِك لم يظْهر شَيْء من عَلَامَات طول الْمَرَض أَو مَعَ أَنه لم تظهر عَلَامَات النضج قد ظَهرت عَلَامَات طول الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ لم يظْهر شَيْء من عَلَامَات النضج لم يظْهر عَلَامَات طول الْمَرَض فَإِن مَرضه يَنْتَهِي نَحْو الْأُسْبُوع الأول فَإِن ظَهرت عَلَامَات تدل على طول وَلست تقدر مُنْذُ أول الْمَرَض أَن تعلم كم يَتَطَاوَل الْمَرَض لكنك إِنَّمَا تميز ذَلِك فِي مَا بعد إِلَّا أَنَّك على حَال تربح من تقدمة الْمعرفَة بِمَا ذكرت لَك: أَن تغذو العليل على أَن مُنْتَهى مَرضه مُتَأَخّر وَهَذَا الْمَرَض الَّذِي يدلك مُنْذُ أَوله أَنه يجوز الْأُسْبُوع الأول قد يدلك فِي الْيَوْم الثَّانِي وَالثَّالِث مِنْهُ دلَالَة أبين من الأول: إِلَى كم يَوْم يَنْقَضِي ثمَّ إِنَّك فِي الْيَوْم الرَّابِع تقدر أَن تحدس حدسا قَرِيبا من الْيَقِين على مُنْتَهى الْمَرَض وبحرانه: مَتى يكونَانِ وَذَلِكَ أَنَّك مَتى رَأَيْت العلامات الَّتِي تدل على أَن الْمَرَض لم ينضج والعلامات الَّتِي تدل على أَن الْمَرَض يطول ثمَّ تنقص شَيْئا فَاعْلَم أَن الْمَرَض سيجاوز الْحَادِي عشر أَيْضا. فَإِن رَأَيْت تِلْكَ العلامات قد نقصت نُقْصَانا بَينا وَلم يتَبَيَّن فِي الْأَرْبَعَة الْأَيَّام الأول من الْمَرَض عَلامَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute