وَقد يُمكن أَن يمْتَحن هَذَا بالتجربة وَيُوقف عَلَيْهِ بأسهل الْوُجُوه وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَت طبيعة الْأَيَّام مُنَاسبَة للثامن عشر يكون فِيهَا البحران أَكثر وَأَصَح وَأتم. فطبيعة الْأَيَّام الْمُنَاسبَة للسابع عشر إِذا أَضْعَف.
وَقد بَان فِي كتاب إبيذيميا لأي طبيعة تشهد التجربة ثمَّ ذكر بحارين مرضى فِي ذَلِك الْكتاب كلهَا تدل على قُوَّة طبيعة السَّابِع عشر وَضعف الثَّامِن عشر وَقد يَقع الْخَطَأ فِي أَيَّام البحران أَيْضا لِأَن من عَادَة كثير من الْأَطِبَّاء أَلا يحسبوا كم يَوْم للْمَرِيض مُنْذُ أول مَرضه إِذا جَاوز مَرضه الرَّابِع عشر وَلَا سِيمَا إِن كَانَت الْحمى أقلعت عَنهُ أَيَّامًا ثمَّ عاودته.
لي: يجب أَن تحسب الْأَيَّام أبدا من أول الْمَرَض إِلَى أَن يَصح بحران وبرء كَامِل بعده.
البحران فِي الْأَيَّام الأول كالخامس وَالرَّابِع وَالسَّابِع وَالرَّابِع عشر وَنَحْوهَا لَا يكَاد يتَّصل أَيَّامًا بل تكون فِي يَوْم وَاحِد لحدة الْمَرَض وقوته فَأَما بعد الْعشْرين وَمَتى طَال فَإِنَّهُ كثيرا مَا يتَّصل أَيَّامًا كَثِيرَة فَيكون البحران يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة استفراغا كَانَ أَو خراجا.
وَلذَلِك يَقُول أبقراط فِي المرضى الَّذين تطاول بهم الْمَرَض: إِن البحران أَصَابَهُم نَحْو الْأَرْبَعين وَنَحْو الثَّمَانِينَ وَلم يقل إِنَّه أصَاب أحدا نَحْو الْخَامِس وَالسَّابِع لَكِن فِي الْيَوْم بِعَيْنِه وَلَا بَأْس أَن يكون بحرانا نَاقِصا دفْعَة فِي يَوْم وَلَو بعد الْأَرْبَعين فَإِن أبقراط ذكر فِي الثَّالِثَة من إبيذيميا مَرِيضا أَصَابَهُ البحران فِي الثَّمَانِينَ وَعرض لَهُ قبله نافض وأعقبه حمى حادة وعرق عرقا كثيرا لَكِن ذَلِك يكون فِي الْأَقَل والنادر وَبَين أَن يَوْم الثَّمَانِينَ وَالسِّتِّينَ وَالْعِشْرين وَالْمِائَة مُنَاسبَة ليَوْم الْعشْرين.
لي: إِذا عرض فِي مرض مَا مزمن نافض قوي وأعقبته حمى حادة قَوِيَّة فتوقع فِيهِ البحران الْكَامِل بعرق غزير يجْرِي كثيرا إِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وأعلام السَّلامَة ظَاهِرَة.
وَمن شَأْن الِانْقِضَاء دفْعَة إِنَّمَا يكون من الْأَمْرَاض المزمنة لَا الَّتِي بقيت مُتَّصِلَة وَلم تَنْقَطِع لَكِن مَتى رَأَيْتهَا كَأَنَّهَا قد انْقَضتْ ثمَّ عاودت وَكَثِيرًا مَا تكون العودة فِي يَوْم بحران ثمَّ يجْرِي على عدد أَيَّام بحران أخر فَيكون كل وَاحِد من تِلْكَ الْأَمْرَاض الْجُزْئِيَّة فِي نَفسه حادا فَإِذا اجْتمعت ووصلت بَعْضهَا بِبَعْض كَانَ الْمُؤلف مِنْهَا مَرضا طَويلا مزمنا وَرُبمَا كَانَ ترك تِلْكَ الْأَمْرَاض فِي عدد من أعداد أَيَّام البحران.
مِثَال ذَلِك أَن يُصِيب مَرِيضا فِي الْيَوْم الْحَادِي عشر بحران تَامّ ثمَّ يعاوده الْمَرَض فِي الرَّابِع عشر ثمَّ)
يُصِيبهُ بحران نَاقص فِي الْيَوْم الْعشْرين ثمَّ يعاوده الْمَرَض فِي الْيَوْم السَّابِع وَالْعِشْرين وَيكون ذَلِك الْمَرَض حادا ثمَّ يُصِيبهُ البحران فِي الْيَوْم الْأَرْبَعين.
قَالَ: والبحران مَتى جرى أمره على الْحَال الطبيعية وَلم تعرض عوارض فَإِنَّهُ يكون فِي حِسَاب الأسابيع فَإِن عرض عَارض فكثيرا مَا ينْتَقل إِلَى الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِي الْوسط فالحاجة إِلَى تعرف هَذِه الْأَيَّام الَّتِي فِي الْوسط شَدِيدَة لِأَن البحران يكون فِيهَا صَحِيحا فَإِذا أصَاب مَرِيضا