للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بلغ النِّهَايَة من ذَلِك كَانَ أحر الأبوال كلهَا وأيبسها وَهُوَ الْبَوْل الناري الْأَشْقَر الْمَحْض ثمَّ إِن ازْدَادَ صفاءً فِي هَذِه الْمنزلَة نقصت دَلَائِل الْحَرَارَة فِي الْجَسَد وَذَلِكَ أَن الْحمرَة تحْتَاج فِي أصل تكوين اللَّوْن أَن تكون الرُّطُوبَة الأرضية أَكثر مِنْهَا فِي الصُّفْرَة وَكَذَلِكَ نجد الدَّم أَكثر مائية وأرضية من الصَّفْرَاء والصفراء أَكثر نارية وهوائية من الدَّم فَاعْلَم يَقِينا أَن أَشد الأبوال حرارة الناري.

ورأيته أبدا السرسام الْحَار الْقَاتِل المفرط الف وَالْحر واليبس خَاصَّة. وَإِذا أَنْت رَأَيْته قَالَ أَيُّوب: مَتى غلب فِي الْبَوْل أحد هَذِه الألوان الْأَرْبَعَة: الصُّفْرَة أَو الْحمرَة أَو السَّوْدَاء أَو الْبَيْضَاء فانه دلّ على مرض لَا محاله لِأَنَّهُ دلَّ على غَلَبَة بعض الطبائع.

قَالَ: وَمَتى لم يغلب شَيْء مِنْهَا كَانَ لون الْبَوْل مركبا مِنْهَا كلهَا.)

قَالَ: فَيكون مركبا من بَيَاض غير مَحْض بل يشوبه سَوْدَاء قَلِيل بِمِقْدَار حَظّ السَّوْدَاء فِي الْجَسَد وَحُمرَة غير صَالِحَة بل تشوبها صفرَة.

قَالَ: وجماع هَذَا يتَوَلَّد مِنْهُ لون أترجي لِأَن هَذَا اللَّوْن لَيْسَ بخالص الصفاء وَذَلِكَ لغلظ السَّوْدَاء وَلَا بخالص الْحمرَة وَلَا الصُّفْرَة وَلَا الْبيَاض لِأَن الْأَشْيَاء امتزجت فِيهِ بِحَسب حَالهَا فِي التَّرْكِيب.

قَالَ: الْبَوْل الأترجي هُوَ بَيَاض غير خَالص يقق يخالطه شَيْء من الْحمرَة والصفرة.

قَالَ: وَهَذَا الْبَوْل الْأَحْمَر قد يحدث عَن غَلَبَة البلغم بِالْعرضِ لَا بالجوهر واللون الْأَبْيَض عَن الصَّفْرَاء وَكَذَلِكَ الْأسود والأحمر.

قَالَ: والأصفر عَن الصَّفْرَاء حَادث بالطبع وَالْبَيَاض عَنهُ يحدث بِالْعرضِ وَكَذَلِكَ الْبيَاض عَن البلغم يحدث بالجوهر والحمرة بِالْعرضِ كالحال فِي حمى البلغم فان ذَلِك يكون لِأَن البلغم يحدث بلزوجته سدداً فيحقن الْحَرَارَة فِي تِلْكَ الْمَوَاضِع وتلتهب لعدم التنفس فيصبغ لذَلِك المَاء لي: لم أستصوب هَذِه الْعِلَل ويجبأن نحصل نَحن ذَلِك فانه يظْهر بالتجربة بَوْل أَحْمَر فِي حميات البلغم وأبيض فِي السرسام الْحَار.

قَالَ أَيُّوب: وَيفرق بَين هذَيْن بِأَن يُؤْخَذ الْبَوْل فِي زجاجة بَيْضَاء ملساء وَيقوم الَّذِي بِيَدِهِ الزجاجة بِقرب من بَاب الْبَيْت والكوة ويدلي الزجاجة فِي الضَّوْء وَينظر الطَّبِيب إِلَيْهَا من الْبَيْت فانه كَذَلِك أبين مَا يكون فان وجد رُطُوبَة الْبَوْل مْلساء مستوية ْ الْأَجْزَاء مُنْفَصِلَة وَإِن كَانَ فِيهِ ثفل راسب كَانَ بِهَذِهِ الْحَال وَكَذَلِكَ حمرته وبصيصه وصقاله وَلَيْسَ تَجدهُ خَالص الْحمرَة فانه غلب تِلْكَ الْحمرَة البلغم لِأَن البلغم لرطوبته تلْزمهُ الملاسة وَكَذَلِكَ يلْزمه الصقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>